يعود إلينا هذه الأيّام هُدهدُ النّبيّ سليمان عليه السّلام تكنولوجيّا في حرب حزب الله اللّبنانيّ الشّيعيّ السّاندة لغزّة ومقاومتها السّنّيّة بأجلّ معانيه وصُوره ووظائفه المذكورة في التّفاسير.
كان هذا الطّائر، كما لا يخفى على مطّلع، يُرشد النّبيّ الكريم على مَواطن الماء في باطن الأرض فيُكلّف عليه السّلام الجنَّ بالحفر من أجل استخراجه للارتواء.. كما جاءه من سبإِ الملكةِ بلقيسٍ بخبرٍ يقين لا شكّ فيه ...
حسنًا فعَل حزب الله بتسميته طائرتَه الاستطلاعيّة بالهُدهد، فقد أصاب بذلك، في اعتقادي، من جهتيْن على الأقلّ: أولاهما الخلفيّةُ القرآنيّة العقائديّة الإسلاميّة في معركة صليبيّة عقائديّة وإنْ حاول البعض في الدّاخل والخارج النّأيَ بها عن هذه الصّفة لأغراض باتت مفضوحة مكشوفة لكلّ ذي عقل رشيد، وثانيتُهما الدّقّة المتناهية في أداء رسالتها والعودة بالمطلوب المرغوب.
هذا الطّائر التّكنولوجيّ الذي يغدو إلى الكيان الغارق في الوَحَل خُمصانَ ويعود بطينًا محمّلا بصُور لمواقع حسّاسة بعضها عسكريّ متحدّيا راصداته التي طالما تغنّى بها سياسيّوه وعسكريّوه ومن وَالاهُم من عرَب الجُبن والخوف والانبطاح، صُور زَرعتْ في قلوبنا نشوةً لا بدّ من الاعتراف بها، وفي قلوب الأعداء رعبًا لذيذا ماتعًا زاد من أرَقهم وإحساسهم بالخيبة والفشل بعد ملحمة السّابع من أكتوبر وما تلاها من معارك اعترف بعضُ الجنرالات الصّهاينة أنّهم أصبحوا فيها كالبَطّ في مرمى نيران المقاومة الغزّاويّة المرابطة.
ما قدّمه حزب الله ويقدّمه على جبهة لبنان مذكور مشكور مأجور بإذن الله... لقد جعل أسطورة التّفوّق الاستخباراتيّ الصّهيونيّ تهوي في وادٍ سحيق…
وأنا أغادر الحديث عن هُدهد "حزْبْ أَلّهْ" كما يقول إخوتنا في لبنان تلحّ عليّ قصّةٌ قديمةٌ تريد أن تجد لها مكانا في هذا النّصّ: لمّا كنت أنتشي بمواجهات هذا الحزب الميدانيّة المسلّحة مع الكيان كان لي صديقان حميمان (فرّقت بيننا بعد ثورة البلد يدُ الأيديولوجيا والسّياسة ولم تجمع بيننا حتّى "يدُ الفيفا" التي أشار إليها الشّاعر المصريّ هشام الجخّ) يهاجمان هذا الحزب وتشيّعَه باستعراض بعض متعلّقات فكر أهله وممارساتهم النّابتة من سُقياهُ، فيُواجهان انتصاري له النّاتجَ عن بلائه في مقاومة الدّويلة الصّهيونيّة المارقة اللّقيطة في جنوب لبنان بأشياء "مَعيبة" خارجة عن الإطار من قبيل "زواج المتعة" و"وضع حجارة مقعّرة تحت الجبين حين السّجود".. قبل أن يصبحَ في نظرهما، وبصورة مفاجئة، سيّدَ الأحزاب وخيْرَ المقاومين فقط لضُلوعه في مجازر شعب سوريا المشرَّد من أجل تثبيت نظام آل الأسد. ! (طبعا أتحمّل كامل المسؤوليّة في هذه الإشارة الواقعيّة التي لا تَنتف ريشةً واحدةً من الهُدهد الآليّ البطل، فقد نُشّئتُ على أن أقول للمُحسن أحسنتَ وللمسيء أسأتَ كائنًا مَن كان).
صديقيَّ القديميْن المُفارقيْن، هل كفّ أهل هذا الهُدهد التّقنيّ الذي أعاد لي الإحساس بتلك الحلاوة القديمة التي ما كنتما تُقاسِمَانيها عن تعاطي زواج المتعة ؟! وهل كفّوا عن فصل جباههم عن الأرض عند الصّلاة بما هم فاصلون ؟! أم هل غفر لهم عندكما وقوفُهم إلى جانب "قائدكما الخالد" في الشّام الجريحة هذه "الانحرافات العقائديّةَ" التي كانت تحجُب عنكما إصاباتهم العسكريّة المُوجعة للصّهاينة وجنودهم؟!
يا لَتهافُتكما وحملةَ فكرِكُما المنسوج بخيوطٍ أوْهنَ من خيوط بيت العنكبوت !!!