الأولى مطبوخةٌ تحرّكها سواعد أمِّ الاطفال التي عثر بها الخليفة الرّاشد التّقيّ العادل عمر بن الخطّاب في إطار جولاته اللّيليّة المتفقّدة لأحوال النّاس وهي تضع قِدرًا على النّار لتُسكت به جوع أطفالها حتى يناموا.
فما كان منه إلّا أن عاد إلى بيت مال المسلمين وجاءها بدقيق وتولّى طبخَه بيديه الشّريفتيْن ليسدّ به جوعها وجوع أبنائها سدّا فعليّا ودموعُه الطّاهرة تنهمر على خدّيْه خوفا من سؤال خالقه يوم القيامة عن تقصيره تجاهها وتجاه بَنيها وهو المكلَّف غير المشرَّف كما يفهم ورعيله الماتح من نهْر رسولنا العذب المتدفّق الذي يسعى السّاعون إلى تجفيفه عقودَنا هذه بإيعاز من قوًى معادِية يشنّ وِفْقَه بعضُ حكّامنا وكثيرٌ من نُخبنا حربا ضروسا على ديننا وجوهره الصّميم بالوكالة !
والثّانية طازجةٌ تملؤها أيدي مشَغَّلي حكّام المملكة المؤتمَنة على شعيرة الحجّ في أكياس معلّبة تُباع لضيوف الرّحمان، والعهدة على من أشار إلى ذلك في فضاءات العالم الافتراضيّ المختلفة، الذين يتركونها بعد استخدامها في منسَك رمي الجمرات في الحوض المخصّص ليتجدّد تعليبُها انتظارا لإعادة بيْعها في السّنة القادمة!
إلى أين تذهب المملكة المحكومة بسلوكات هذا الفتى الأرعن الآخذ بقاعَنا المقدّسةَ إلى دَنَس ما انتظره منتظِرٌ ولا خطَر ببال مسلمٍ يجد في نفسه ولو قدرة ضئيلا من تعظيم وتوقير للحرَميْن وما حولهما؟!
أَنَجدُ، على سبيل التّفكّه الممزوج بألمٍ لا يخفى، بهذا الفعل المشين الذي لا يليق بدولة راعية لحجّ المسلمين القادمين من كلّ فجّ عميق، عذرًا لذلك الحاجّ الذي يصوِّب مُقبِلا مُدبِرا شمسيّتَه بندقيّةً يُطلق بها الرّصاص على الحوض الذي تستقرّ عنده حُصيّات الحجّاج المَبيعة الموسمَ تلوَ الموسم ؟!
أنَذهبُ مع الذّاهبين إلى اتّهام المملكة بالاستفادة المادّيّة المشطّة من هذا الرّكن المقدَّس؟!
أليس في هذه الدّولة الحاوية لمقدّساتنا رجلٌ رشيدٌ يوقف الانحدار نحو ما يُسيء إلى أرض وشعب وتاريخ وخير أمّة أُخرجت النّاس كما قال ربّ الكعبة ؟!
أنردّد، آملين، في وضعٍ أفضل مستقبلا، مع عبد المطّلب: "للبيت ربٌّ يحميه" من أبرهة هذا العصر العجيب الذي صرنا فيه ألعوبةً بين يديْ قوًى أخذت دوننا بأسباب القوّة بمنحييْها المادّيّ والمعنويّ؟!