قرار وضع اليد على ثروة وطنية

قرار تغيير قانون تسويغ الأراضي الدولية للسماح للشركات الأهلية بأولوية إستغلالها قرار خاطئ و غير ناجع و لن ينفع البلاد كما يظن البلاغ الرئاسي.

و هو قرار وضع اليد على ثروة وطنية وجب أن يكون للشعب و ممثليه رأي فيه قبل حتى إصدار مثل هذه البيانات الرئاسية.

الأسباب عديدة و المؤسف هو غياب أي نقاش عام مجتمعي و إقتصادي في موضوع حساس مثل هذا. بعض الحصص الإذاعية و التلفزيون تناولت الموضوع و لكن لا نستطيع الجزم أن نقاشا جديا وقع حول هذا الموضوع.

السبب الأول هو أننا بعد سنتين تقريبا من بعث هذه الفكرة الرئاسية ليس لنا أي تقييم جدي و موضوعي على هذه التجربة. بنك التضامن أبلغ أنه مول العديد من المشاريع و لكن لم نر فعليا أية دراسة جدوى حقيقية لأي مشروع. و حتى بعض الأرقام المقدمة لبعض المشاريع لم تكتسب الجدية الضرورية لنقاشها.

الأراضي الدولية هو ملك عام للشعب التونسي من المفروض أن تتصرف فيه الدولة بالعقلانية التي تميز الدول المؤسساتية. تسويغ هذا الملك العام أستعمل على مر العصور كآلية لزبونية الأنظمة السياسية المتعاقبة و هو ريع من أنواع الريع الفاسد لأن المستغلين كانوا يتحصلون على قروض من البنوك العمومية لم تستغل في هذه المشاريع الا قليلا. و لكن هذا لا يمنع أن هناك مستغلات ناجحة جدا و متطورة جدا من طرف الخواص المستغلين.

لا يكفي أن تسند أرضا لمستغل (سواء كانت شركة أهلية أو شركة إحياء) فالأهم هو المشروع ثم تمويل المشروع و خاصة كفاءة باعث المشروع و قدرته على الإنجاز و التسيير.

تمويل الشركات الأهلية يطرح أكثر من حاجز فعلي و هذا هو السبب الثاني .. فالشركات الأهلية نظرا لرأسملتها الضعيفة و صبغتها الإجتماعية ليست لها مؤهلات النفاذ إلى التمويل إلا التمويل العمومي المُسيّس و المضمون من عند الدولة.

السبب الثالث هو حوكمة هذه الشركات و تركيبتها و تطويرها من طرف السلطات المحلية، عوامل تجعل منها مؤسسات شبه عمومية ليست لها سلطة قرار مستقلة تماما و لا تتمتع بهيكلة راس مال واضحة المعالم لأن راس المال المفتوح لكل سكان المعتمدية أو الجهة ليس من شأنه أن يمكن من مشروع اعمال ناجح.

و يبقى السؤال قبل الاخير : ما هو المغزى من تمكين هذا النسيج الإقتصادي لرئيس الدولة (فكرة و تصميما و إنجازا) في سنة إنتخابية قبيل شهر من موعدها ؟ و أليس هذا نوعا من إستعمال السلطة من طرف المرشح رئيس الدولة في سياسة لا تقل زبونية عن سابقاتها ؟

أما السؤال الأخير فهو لماذا كل هذا الرفض لنقاش شعبي عام حول هذا الموضوع ؟ أليس الشعب هو الذي يقرر ؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات