في تونس الآن..، لن يجرؤ نص سياسي على قول ما يجب قوله

أولا: لأن ما يجب أن يقال يحتاج لغة عارية، مجرّدة من غلالة الاستعارات المموّهة للحقيقة. لغة سياسية مباشرة تسمّي الجهات التي "تقرّر" مصير التونسيين فعليا لا فقط منذ 25 بل وخلال سنوات التمهيد ل25. لغة ناصعة شفيفة تجسّد "قيمة كل القيم، وفضيلة كل الفضائل"، أي السياسة، بما هي "تدبير سعادة الناس بتحقيق معاشهم وأمنهم وحريتهم".

ثانيا : لأنه لا فائدة من هذا القول. لأن الحقيقة زمن البؤس الشعبوي ليست إلا صيحة في واد. الشعبوية تسخر من الحقيقة وتخرج لها لسانها لتغيظها وتقول لها: اصرخي وأعْولي كما شئت، لن يعبأ بك أحد. حتى لو أسمعت كل الناس سيتخذونك مضحكة وملهاة.

ثالثا : لأن حجم الخراب الذهني والنفسي في صفوف "المعارضين" يجعل الأمل في عمل وطني مستقبلي مشترك بينهم، ولو في حده الحقوقي الأدنى، مجرد وهم.

رابعا : لأن الشعبوية، بصفتها ذروة الأمية السياسية، أي التجسيد المثالي للاّسياسة، نجحت في تفكيك وتهرئة كل الروابط الجماعية كالنقابات والأحزاب والجمعيات، رغم أنها ترفع شعار "الاقتصاد الأهلي" الذي يقتضي إعادة الاعتبار للروابط المجتمعية الأولية كالقرية والحي. ولكنه مجرد شعار شعبوي لا فقط عاجز عن اختراق منظومة اقتصادية رأسمالية تابعة مباشرة لرأس المال الأجنبي المعولم، بل أن هذه المنظومة تتخذه واجهة كاراكوزية للإلهاء عن هيمنتها المطلقة على مقدّرات البلاد.

وفي انتظار ذلك النص، الضروري، والذي لن يأتي…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات