هل أتاك حديث البطاطا تحت سلطان التدابير الاستثنائية،

هل أتاك حديث البطاطا تحت سلطان التدابير الاستثنائية، في بلاد نظَّمت "أحكام السوق" وفقه المعاملات المالية والتجارية في الكتاب الشهير لسيدي يحيى بن عُمر..

كل أجهزة الدولة تُكذِّب الخطاب الرَّسمي لرئيس الدولة وتُسفِّه نظرية المؤامرات في فقدان مادة البطاطا التي "زقفنتها" بعض الأنفس الخبيثة في أذن رئيس الجمهورية فتلقَّفها بفِيه بحشيشها وريشها وبدون تثبت ولا هضم.. وتقر بفشل غزوات "مقلاع المسامير" (الراشكلو) وأثرها العكسي في ضرب قطاع التخزين لتعديل وتموين السوق وما أدى إليها "الراشكلو" من خوف الفلاحة والتجار والتهاب الأسعار واضطرار الدولة للتوريد بالعُملة الصعبة جرَّاء عَملة غير موفَّقة، وتعترف الدولة بطمِّ طميمها بوجود أزمة في تزويد السوق وتعجز عن إيجاد حلول لها..

بل وصرح وزير التدابير الاستثنائية للتجارة بأن مصالحه "استوردت 3000 طن من البطاطا وأنه سيتم طرحها في الأسواق خلال أيام قليلة"..

ولم يشرح وزير التدابير لماذا 3000 طن وما علاقة الرقم بالسعر الجنوني الذي بلغته البطاطا في الأسواق في حدود 3.900 د ثلاثة دنانير وتسعمائة مليم، بعيدا جدا عن السعر الذي سعَّر به رئيس الجمهوريَّة في غزوة "الراشكلو" في حدود 500 مليم نصف دينا، فإذا بها تقفز ثمنية أضعاف السعر الرئاسي..

ثم خرج أحد نواب "الأغلبية الرئاسية" ببرلمان دستور الرئيس للوظيفة التشريعية ليصرح بأن"2780 طناً من البطاطا التي أعلن وزير التجارة عن توريدها، تبين أنها فاسدة ومصابة بنوعين من البكتيريا"..

ولم يشرح النائب لا نوعية البكتيريا ولم يبيِّن مصار معلوماته النيابية ولا مصير الشُّحنة..

وبطرح كمِّيَّة نائب التدابير من كمِّيَّة وزير التدابير، تتبقى 220 طنًّا فقط صالحة للاستهلاك، بمعدَّل نصف طن واحد لكل معتمدية من تراب الجمهورية..

ويبقى ما تبقَّى من ضحك على الذُّقون ومن استبلاه للشُّعب الكريم، وروايات الخيال اللَّاعلمي حول الاحتكار، وصور بعض المسؤولين اللَّامسؤولين الَّذين حوَّلوا أنفسهم إلى أبطال من ورق لمحاكاة أفلام "رُعاة البقر" لفرض أسعار غير واقعيَّة، ومشاهدهم السّرياليَّة في عنطزيَّة حجز المنتج من الأسواق، دون مراعاة أحكام السُّوق..

كل ذلك يحصل في بلاد كتاب "أحكام السوق" (النظر والأحكام في جميع أحوال السوق) وهو أول كتاب أول كتاب ألف في باب المال والسوق من أبواب الفقه الإسلامي، للإمام الفقيه المالكي الجليل سيدي يحيى بن عُمر (أبي زكريا يحيى بن عمر بن يوسف الكناني الأندلسي التونسي، قرطبي المولد وتلميذ الإمام سحنون بالقيروان ومؤسس مدرسة أحكام السوق بسوسة أين قضى آخر أيَّامه وترك لنا آثاره ومسجده وضريحه ومقامه "سيدي يحي"، ومن سوسة التونسية أشع كتابه "أحكام السوق" على العالم)، وتحقيق المؤرِّخ الكبير سيدي حسن حُسني عبد الوهَّاب، رحمهما الله ورضي عنهما وأرضاهما، وجزاهما عن تونس وعن العقل التونسي خير الجزاء..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات