عودتنا الأنظمة العربية وكلها مستبدة بشعوبها بدرجة او بأخرى... بقمع معارضاتها مهما كانت مشاربها... شمولية او ديمقراطية...للحفاظ على السلطة دون ان يختار الشعب في انتخابات حرة من يمثله..
وهذا القمع يتمثل عادة في الإعتقالات والزج في السجون... مع توفير ضمانات شكلية... مثل علم ذوي الضحية بمصير الضحية .. وتنظيم محاكمات شكلية لا تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة الدنيا .. مع استعمال التعذيب الذي لا يؤدي للموت إلا في حالات قليلة.. ولما يموت المعتقل بسبب الإهمال الصحي او التعذيب يسلم جثمانه لذويه لدفنه طبق طقوس ديانته.. ويكون الحكم الصوري الصادر ضده محدد في الزمن... فتكون الضحية وذويها على علم بتاريخ سراحها مما يترك لهم أملا في مستقبل آخر... هذا إن لم يطلق سراحها قبل انتهاء المدة لأسباب سياسية تقررها السلطة المستبدة خلال تلك المدة..الخ...
أما ما أقترفته في سوريا عائلة الأسد السفاحة وأزلامها ... فلم يكن هذ!!! ولذلك تمكنت من البقاء في السلطة أكثر من نصف قرن!! لقد كانت عائلة المجازر المتواصلة... قررتها منذ الإنقلاب وسيلة حكم... فاستهدفت للبقاء في السلطة مختلف المعارضات والمجتمع المدني والمواطنين الذين يعبرون علنا عن عدم موالاتهم لتلك العائلة الفاسدة حتى النخاع... لمحوهم من الوجود !!
كان نظامهم شرسا... تشرف عليه مخابرات متوحشة.. تمارس الإختطافات بالجملة والإختفاء القسري للأشخاص لسنوات وحتى لعقود.. ودون إعلام العائلة بمكان الضحية ومصيرها... ودون محاكمات ولو شكلية تمكن العائلة من الحضور والتعرف على مصير الضحية ومكان اعتقالها..
وكانت هده السياسة المتوحشة مؤسسة على التعذيب المنهجي لكل من يقبض عليه .. وهذا لا فقط لاقتلاع الإعترافات ولو كانت غير حقيقية ....بل كذلك لمجرد الإنتقام من الضحية...والتنكيل بها..لعدم موالاتها.. وكان اغتصاب المعتقلات من طرف موظفين في الدولة يتحكمون في رقاب الناس في شكل وحوش آدمية... ممارسة مستشرية ويومية ...
وكانت التصفيات الجسدية في المعتقلات الرسمية والسرية للتخلص من الضحايا ممارسة عادية... وعددها كثير وغير معروف بسبب التستر والمحاصرة التي ضربتها تلك العصابة وأزلامها على المعلومة.. حتى بالنسبة لواجب إعلام المؤسسات الرسمية المشرفة على الحالة المدنية بالوفايات. وتاريخها.. ومكانها... كما يفرضه القانون..
وكان الدفن بالجملة في مقابر سرية.. ودون حتى تحديد قبر الضحية..وطبعا دون إعلام ذويها بمكانه... مما يتركهم يأملون في الإفراج عنها يوما ما.. وهو من قبيل التعذيب النفسي الذي يعيش به يوميا ذوي الضحايا....
الخ. الخ..
وبموازاة كل تلك الفظاعات..كان الإعلام عن تلك الجرائم المستعملة كوسيلة لديمومة حكم العائلة الفاسدة من طرف ذوي الضحايا للمنظمات الحقوقية التي دورها التشهير بها... يعد من قبيل معاداة السلطة... ويعرض بقية أفرادها لنفس المصير!!!
وبالمناسبة فالتشهير .. هو السبب الذي يجعل الدعاية الخشبية لهذه السلطة السفاحة والموالين لها او المتعاونين معها... إضافة للشموليين الذين لا يعتبرون ان لكل إنسان كرامة وحقوق ... يوجهون صلفا لمنظمات حقوق الإنسان في جوقة متناغمة .. مثل تلك الطيور التي على أشكالها تقع... تهمة "العمالة للغرب"!! لأنها تفضح جرائمهم..
ولذلك لم يرشح من تلك الجرائم الجسيمة لدى العموم قبل هروب الطاغية السفاح سوى النزر القليل... لان منظمات حقوق الإنسان التي كانت تعلم بالاستنتاج هول الكارثة الإنسانية ضد الشعب السوري... لا يمكنها نشر سوى الشهادات الجزئية التي تحققت منها..
فبحيث... هذه جرائم جسيمة ضد الإنسانية... تضاف لها جرائم الحرب لما تحول الصراع السياسي ضد السلطة إلى صراع مسلح.. وفي هذه الحرب الأهلية اقترفت بعض الجماعات المسلحة أيضا جرائم حرب ضد أزلام السلطة وضد المواطنين على الهوية غو بسبب المعتقد .. ولو بأقل درجة لأن ليس لها جيشا واسلحة ثقيلة وقوة جوية قادرة على إحداث الدمار الكبير الذي اقترفه جيش السفاح ضد المواطنين في الأحياء الشعبية التي تموقعت فيها الجماعات المسلحة... مما حمل نسبة كبيرة جدا من الشعب لم تحصل مثلها من قبل إلا في زمن النكبة... على الهر ب للبلدان المجاورة طلبا للأمن والأمان وحفاظا على الحياة... فتدخلت الأمم المتحدة لإغاثتهم عوضا عن تلك السلطة المجرمة التي اغتصبت بلدهم .. كما فعلت من قبل مع الشعب الفلسطيني!!
هذه الجرائم الجسيمة التي بدأت تكشف كل يوم أكثر فاكثر.. بعد هروب السفاح وعائلته... وانقشاع الخوف من مخابرات السفاح من عقول ذوي الضحايا... تدخل في صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية.... ومن المتوقع ان يقع البحث والتحقيق فيها من طرف هذه المحكمة.. اساسا بطلب من الضحايا والمنظمات الإنسانية التي تآزرها... مثلما فعلت فيما يخص الجرائم الجسيمة التي حصلت في غزة...وقبلها في أوكرانيا.. الخ..
وبحيث..
هذا ما لا يريد ان يفهمه هؤلاء الذين طبلوا لهذه السلطة المجرمة.. وإن كان معظمهم لم يكونوا على علم بجرائمها الجسيمة هذه ضد شعب شقيق..لأنها فعلت كل ما يلزم للحيلولة دون خروج المعلومات و تداولها لدى العموم ... لكن من كانو يعلمون لموالاتهم او لقربهم من هذه السلطة... واستهانوا بشناعتها وبشاعتها... أو اعتبروها من قبيل العمل السياسي الجائز... فهم مشاركون في تبييض جرائم لم يعد جائز اقترافها في عصرنا هذا... لاتها مصنفة فقط في خانة الجرم الجسيم ا!!
اما المسوغات التي تقدم للتبييض... بالخروج عن لب الموضوع .. ورفض التطرق له...بالتهرب بطرح مخاطر حالية حقيقية أخرى حول مستقبل سوريا .. وكانه يجب الإختيار بين الطاعون والكوليرا... فهي من التفاهة بمكان…
فحتى بشار وزبانيته يعتبرون ان البلد ملكهم وينتقل صلب عائلتهم بالوراثة.. ومن حقهم تصفية الدخلاء عليهم بما أنهم فعلو ذلك طيلة أكثر من نصف قرن.. دون لف ودوران... ويعتبرون ذلك آلية مشروعة لتنفيذ مشروعهم السياسي ..
هذا زيادة على ان أصحابها يهينون صديقهم السفاح... لأنه ليست لهم الشجاعة للإعتراف بانهم يساندوه في جرائمه ومن رواد هذا الطاعون... ضد الكوليرا التي يهددون بوقوعها.