التنكيل بالسيّدة سهام بن سدرين

التنكيل بالسيّدة سهام بن سدرين هو تنكيل بعدالة انتقالية كانت ضرورية لمعالجة جراحات تاريخيّة عميقة أحدثها الاستبداد في الجسد التونسي، جراحات لا تزال مفتوحة وتنزف، وتعطّب ذاتا لاتزال مسكونة بالخوف والعجز واللّامبالاة.

السيّدة سهام التي تقيم الآن في المستشفى بعد أن أنهك إضراب الجوع جسدها، حاولت بكلّ إمكانيات البشر المحدودة، وبكلّ احتمالات الخطأ والصواب، معالجة هذه الذّات المعطّبة بفعل تاريخ الاستبداد الطويل، بفتح الجراح وإخراج العفن الكامن، والتخلّص من الإرث الذي تحوّل إلى حدبة تمنعنا من السير الطبيعي في مسارب الوجود،

ولكنّ الألم الذي أحدثته بالمنظومة القديمة كان عميقا حتى أنّه جعلها هدفا رئيسيا في استراتيجيّة التشويه التي لم تتوقّف الآلة مطلقا عن الاشتغال عليها. تشويه تغلغل في " العقل " التونسي المغيّب بفعل القصف حتّى اليوم وحتّى أنّه صار يستلذّ السجن والتنكيل بكلّ من جعل عمره كاملا فداء للحريّة والكرامة والعدالة، بكلّ من قضّى حياته دفاعا عنه.

السيّدة سهام بن سدرين، امرأة نادرة، حين التقيتها في المؤتمر الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة، وجدت فيها حزما نادرا وعنادا يشبه عناد البطل التراجيدي، ذلك الذي يسير نحو أقداره، حاملا خلله البشري المميت.

آنذاك قلت إنّ امرأة كهذه لا يمكن أن تنهزم، وأنّها ستحيا وتموت واقفة، وأنّها تحفر اسمها بعمق في تاريخ هذه البلاد الجاحدة.

أرجو السّلامة والعافية والحريّة للسيّدة سهام بن سدرين، وأرجو العدالة لامرأة ناضلت من أجل العدالة بين البشر.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات