الأصل ان يخرج كل ما دار خلف ابواب قرطاج الى خارج اسوار قرطاج ليعلم الشعب تفاصيل اللقاء وماذا وأين وكيف، لكن ولأن الشركاء او الفرقاء لم يفرجوا عن التفاصيل، كان لبد من البحث عن بوابات خلفية ومصادر مقربة لنعلم حقيقة ما حصل.
جل او كل ما رشح هو بالفعل ما دار أثناء اللقاء، لكن ليس ذلك كل شيء، فلا احد اخبرنا ان السبسي استغل اللقاء ليجس النبض او يساوم من خلال طرح تغيير الدستور لصالح نظام رئاسي يقطع مع الشراكة البرلمانية التي نبه سابقا الى خطورتها في تشتيت القرار وتعطيل الفعل.
لكن الاقتراح جوبه برفض كلي من الجميع ، بخلاف الطبوبي الذي جنح طوال اللقاء الى مهادنة الرئيس ومحاولة تسجيل اهداف ضد الشاهد. هذا الاقتراح خلّف ملاسنة اخرى بخلاف تلك التي حدثت مع محسن مرزوق، ملاسنة بين الرئيس وزعيم حركة النهضة،
غير انها كانت مبادلة موزونة محكومة بالحذر، اعتمدت الردود المحسوبة وتجنبت التراشق، كان ذلك بعد ان حمّل السبسي مسؤولية الكثير من المشاكل الى النظام البرلماني وتوجه الى الغنوشي بالخطاب "هذا دستوركم"، الشيء الذي دفع برئيس حركة النهضة إلى التعبير عن اعتزازه بدستور البلاد المنجز، في اشارة الى ان بنود الدستور تعتبر مفخرة تستحق الاشادة وليست مثلبة تستحق التذكير او التشهير، واشار الغنوشي مع البقية الى انه يتحتم على الرئيس حمل اقتراحاته الى البرلمان إذا اراد تغيير النظام الحالي الى نظام رئاسي.
في المجمل تمكن الجميع من السيطرة على حالة التشنج، رغم وجود نوعا من الحزازيات الثنائية لاحت جلية بين محسن مرزوق والسبسي ثم بين الشاهد والطبوبي، فيما كان الاحتكاك بين السبسي والغنوشي أعمق وادهى من التفطن اليه على هامش جلسة عابرة. يدرك الغنوشي انه اصبح السارية الاقوى في السلطة..
يدرك السبسي انه أصبح الحلقة الأضعف في السلطة.. يدرك ثنائي باريس ان المعركة مفتوحة على جميع الاحتمالات، وانه لا شيء غير الحذر والانتظار.. يدرك الشعب انه بين سبعطاش تدعوه الى السياحة في ملكوت رب العزة، وسبعة تدعوه الى العودة لعتبات اللاَّت والعزَّى.