من قال اننا خسرنا شهداء 3 جانفي 1984 او "مشوا خسارة" على رأي احدهم، من قال ان تونس لم تستثمر دماء فلذات أكبادها الذين قضوا ذات جانفي 84، من قال انها بذّرت رصيد شهداء جانفي 84؟
الصورة أبلغ من ذلك بكثير، لقد اكتسح الشعب التونسي الشوارع وخلخل نظام بورقيبة، حينها قال الرئيس"نرجعوا وين كنا"، فما كان الا ان "رجعنا وين كنا" لا بالعكس وما ان استتب الامر للسلطة حتى أطلقت سلسلة من اشهر الاعتقال في تاريخ البلاد، ثم ابتلع الشعب طعمه وهجع الى حين..نام وفي الخاطر قصة اخرى ستطول لكنها ستقول..
بعد ما يناهز الربع قرن، خلخل الشعب اركان نفس النظام مع تغييرات طفيفة في اعلى الهرم، خرج راس السلطة تماما كما سلفه وقال، "فهمتكم" او قال "نرجعوا وين كنا" مختصرة وبشكل آخر يراعي عدم التكرار، بل أضاف الى "فهمتكم" 300 الف وظيفة جديدة، بل أضاف اطلاق جميع مساجين الراي، بل اضاف العفو العام، بل أضاف الديمقراطية الموعودة بمواصفات دولية، بل اضاف نشيخكم نبحبحكم ندللكم نخدّمكم ..اتوسل اليكم..
أبدا.. فالشعوب الحرة عندما تندفع الى الشارع بغزارة وتدفع الدم بغزارة، يمكن ان تصدق مرة واحدة وليس اكثر، ومن سوء حظ بن علي ان الكرطوشة الوحيدة استعملها بورقيبة، وان شعب تونس من الشعوب النادرة التي لا تلدغ من القصر مرتين.
سبعة نوفمبر كانت ثمرة لعلاقة محرمة بين جريمة 12 اوت 1961 وجريمة 24 جانفي 1963، أما سبعطاش ديسمبر فكانت ثمرة لارتباط في الحلال بين ملحمة 26 جانفي 1978 وبين ملحمة 4 جانفي 1984.