وتونس على بعد أشهر من الاستحقاق الانتخابي القادم، اصبحت اصوات الاحباط والتخذيل اكثر نشاطا، اصبحنا نسمعها كثيرا هذه الأيام، تحاول التشويش على التجربة والتشكيك في المسلم السياسي، اصوات تكمن خلفها منظومة مازالت تصر على العودة الى الواجهة بعد اذا طردها الشعب، وقوى اخرى طفولية متمردة يغلب عليها الحمق السياسي، مازالت غير مقتنعة بشروط السباق،
وبان التنافس تحكمه الأروقة ويخضع الى خط الانطلاق وخط الوصول، وان الانحراف ومحاولة القفز عبر اسوار البنايات المجاورة وتسلق الجدران، واختراق بعض الحدائق والقصة العربي..ان استعمال كل ذلك للوصول الى خط النهاية يندرج ضمن التشويش.. الغش.. التخريب..المرض..ولا يندرج بحال ضمن السباق السياسي.
كل القضايا لديها كلياتها كما تفاصيلها، واذا اتفق الشعب ومكوناته على الكليات، فالاختلاف حول التفاصيل لا يفسد المشاريع الكبرى،صحيح اذا تكاثرت بشكل سلبي تعطل، واذا تكاثرت ايجابا تساعد، لكنها لن تجهز على المشاريع المحكومة بكليات واضحة يحتكم اليها الجميع.
لنتعرف اذا عن الكليات ونحاول إرساء خريطة طريق جامعة.
1- لنقر كلنا ان الثورة هي وسيلة لسحب السلطة من الفرد والاسرة وتقديمها للشعب، ثم ليس يهم اذا اختلفنا حول بعض التفاصيل الأخرى.
2- لنتفق ان الانتخابات النزيهة هي صمام الامان الارقى والمعيار الذي تتحاكم إليه الشعوب الواعية، وافضل وسيلة توصل إليها العقل البشري لاستبدال الجماجم والدبابات والدم والسجون والاعدامات بالحبر ومكاتب الاقتراع والصناديق..سبيلا للوصول الى السلطة والخروج منها.
3- على المعارضة ان ترصد بأشكال ذكية اخطاء أحزاب السلطة وتحاول تقديم بدائل في الغرض، وان تستبدل الخوف من المحطات الانتخابية بالاستعداد الجيد للمحطات الانتخابية.. وان تبرمج في ذهنا ان الهزيمة واردة كما الانتصار، وانها اذا حاولت تعويض خسائر الصندوق بارباح اجنبية فهي عملية، وان حاولت التعويض بالتخريب الداخلي فهي مجرمة.
4- علينا ان ندرك ان مطلب الحرية هو المدخل الأساسي لكل المطالب الاخرى وان تعثرت وان تأخرت..
5- علينا ان نعتمد على الثورة وانتقالها الديمقراطي كبوصلة لعلاقاتنا مع الآخر، فمن اعترف لنا بثورتنا وحقنا في بناء ديمقراطيتنا ولم يتورط في تخريبها ولا في التآمر عليها، ولم يسفهها وينشر حولها الاشاعات، فهو الصديق، اما خصوم التجربة فليس المطلوب منا ان نحاربهم ونلاحقهم، فقط يكفي ان نتفق عليهم ونشير اليهم ونحذرهم ونشنع بمن يشيد ويسوّق لهم ويتعاون معهم على حساب ثورتنا.
6-على جميع القوى السياسية والاجتماعية ان تتعامل مع النضال الاجتماعي كمحفز ومحسّن وليس كبديل حكم شامل، وان البديل الشامل المنشود لا سبيل الى البحث عنه من خارج الصناديق.
إذا اتفقنا على هذه العناصرالعامة، التي يمكن ان تُجمع عليها القوى السياسية في الهند مثلما في الارجنتين مثل اثيوبيا مثل المانيا، حينها نكون قد تجنبنا الكثير من الهرج وعزلنا الكثير من القوى التي لا تعمل على الانتقال الديمقراطي وإنما تعمل على الانتكاس الديمقراطي.