من أنا حتى أعطى دروسا للمربين النقابيبن؟...ومن أنت؟ لن اعطيهم دروسا...كما أصبحت اقرأ لبعض الثقفوت منذ أيام... فلست من قطاعهم...ولست نقابيا... ولا أعرف قطاعهم مثلهم... ولست منغمس يوميا فيما يواجهونه من مشاكل بيداغوجية... ومصاعب مادية متفاقمة بخسارة في المقدرة الشرائية منذ الثورة بحوالي 40 في المائة…
ولست ممن يواجه يوميا التدهور الممنهج لوضع التعليم العمومي...بفعل سياسات الحكومات المتعاقبة منذ الثورة...وهو التعليم الذي باشروه يوميا طيلة حياتهم المهنية وضحوا من أجله...وصنعوا به كل أجيال التونسيين الحاليين وأنا من أحدها... صنعوا هؤلاء التونسيون المواطنون المتحضرون المدنيون الذين يضرب بهم المثل اليوم لدى شعوب العالم بفضل ثورتهم السلمية على الاستبداد والفساد، فاقتبسوا منهم شعاراتهم…
وبالتالي فإني آخر من يتجرأ على إعطاءهم دروس في المدنية، وفي كيفية التفاوض وفي تقدير موازين القوى...وأتمنى على غيري ان يتواضع ...ويتعلم منهم...ولا ان يدعي تعليمهم...بان يدعي في العلم معرفة...لأن دعاية الخصوم أربكته...باستعمال أجهزة الدولة والهرسلة الإعلامية للإعلام الموجه والإعلام الفاسد...وأحزاب اليمين الحاكم الذين لهم مشروعهم لمستقبل التعليم...الخ…
لن افعل ذلك...خصوصا وأني أعرف بمقتضى متابعتي من الخارج لنضالات تلك النقابة منذ عقود...الى جانب بقية نقابات التعليم...أن نقابة الثانوي لها تاريخ نضالي نقابي عريق...ولها تجربة كبيرة في المفاوضات...وتقاليد عريقة في كيفية التفاوض مع السلطة...ونجاحات كثيرة فيه... وما تكبر في عينها" حتى سلطة... لما يتعلق الأمر بالدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للأساتذة والدفاع عن التعليم العمومي ومجانيته لكل أبناء الشعب التونسي... " وحتى حد ماهو في مرتبة بش يعطيهم دروس...لأنهم ببساطة...وبدون تنظير ثقفوتي...هم الأعرف والأعلم بالموضوع…
ولأني أعرف انها فرضت حقوقا كثيرة وكبيرة لقطاع الأساتذة منذ زمن بورقيبة... وأعرف أيضا أنها كانت في مقدمة القطاعات النقابية التي فرضت على بن علي حقوقا إضافية...أجبرته عليها بشن الإحتجاجات والإضرابات الناجحة طيلة فترة حكمه…
وأعرف...علاوة على ذلك... وهذه شهادة للتاريخ...ولكل زنديق ثورجي وقح ممن يتحدثون اليوم عن نقابة "الخراب"... أن مناضليها كانوا في مقدمة من نظموا الإحتجاجات ضد بن علي أثناء أحداث الثورة...وساهموا من موقع متقدم في فرض وإخراج المسيرات من مقرات الاتحاد...رغم تلكؤ بعض قيادات الاتحاد آنذاك…
وأعرف بحكم مسؤولياتي السابقة في قيادة رابطة حقوق الإنسان...وهذه شهادة تاريخية أيضا ...أنها كانت زمن بن علي في مقدمة النقابات التي ساندت نضالات الحوض المنجمي سنة 2008، تلك الانتفاضة التي وضعت شعارات الثورة ضد الاستبداد والفساد..
وأعرف...ان الشيطنة التي تتعرض لها هذه النقابة منذ سنوات...هي بسبب ما ترمز له...نضاليا...تاريخيا وحاليا....ولقدرتها على تعبئة قواعدها...ولأنها شوكة لا يمكن هضمها من دعاة رجوع الاستبداد وتأييد الفساد...وما تعيين الوزير البنعلي الكذاب الحالي على رأس وزارة التربية إلا للمحاولة....ولكن هيهات…
وأعرف ان هذه النقابة كانت دائما متعددة المشارب النقابية، وأنها نقابة ديمقراطية في قراراتها، وأن الوحدة النقابية فيها من أجل مطالب ومصلحة القطاع تسمو على المشارب والتباينات والتقديرات... وان الإختلاف في التقديرات، كان وسيبقى دائما موجودا صلبها لأنها نقابة ديمقراطية، وهو عنصر اثراء وثروة قيمية من ثرواتها، وأن الاختلاف في التقديرات دائما يفض بالطرق الديمقراطية...صلبها...ولن تؤثر فيه الحملات الفايسبوكية...لأنه تقليد عريق فيها…
وبالتالي فان شيطنة أحد قيادييها، وتحميله وحده مسؤولية القرارات الجماعية...لا يمكن ان يفهم إلا كمحاولة بائسة ويائسة للتقسيم وتشتيت الصفوف...طالما انهم لا يقدروا على شيطنة تلك القرارات الجماعية...التي تتعلق بمطالب مشروعة...لأنهم لا يمكنهم منطقيا وسياسيا ان يعارضوها بالحجة والدليل…
أقول هذا وأعرف ان كل منا حر في التعبير عن رأيه...فهو مكسب عظيم من مكاسب الثورة... ولكن لما يكون التعبير عن الرأي حق...فإن مضمونه يناقش...وخصوصا فهو يجعل كل منا يختار موقعه في الصراع...اين يكون...ولما يحتد الصراع فلا منزلة بين المنزلتين...بين طرفي الصراع...لأن التناقض الرئيسي هو المحدد...دائما...وهو الذي يذكره التاريخ…
اما ما خفي عن كل هذا فهو اعظم...لأني أعرف من جهة أخرى...والكل يعرف... ان مشروع "إصلاح" التعليم العمومي الذي يريده اليمين الحاكم ويحن لانجازه...اليمين الحاكم بشقية الدعوي و"الحداثوي"...لن يمر كما يخططون له مع هذه النقابة... لن يمروا معها من حيث مضمونه...ان لم يكن مؤسسا على توجه مدني حداثي وحقوقي عصري يحترم المضامين الواردة بالدستور، هذا الدستور الذي يتلكؤون عمدا في تطبيقه في كل المجالات…
ولن يمروا معها... ان وضعو فيه ثغرات تمكن من التفريط رويدا رويدا في التعليم العمومي المجاني العصري الذي هو حق لكل مواطن تونسي كما ألزم الدستور الدولة به، لفائدة القطاع الخاص الذي يتحكم في جزء مهم منه المال الفاسد...مالهم الفاسد…
أعرف أنه لهدفهم الاستراتيجي هذا تقع شيطنة هذه النقابة أكثر من غيرها... وليس خوفا على تلامذة القطاع العمومي...وذرف الدموع عليهم وعلى مصيرهم كذرف دموع التماسيح على فراءسها...فالحال انهم يحضرون لهم مصير اتعس بكثير لما هو عليه وضعهم اليوم...في حين ان النقابة تعمل على تحسين شروطه الموضوعية...كما تبينه لوائحها المستقرة…
وأعرف أنهم لهذا الغرص اضافو في الآونة الأخيرة وقاحة على وقاحتهم... فبعد ان شيطنو المكتب التنفيذي للإتحاد...بمناسبة الإضراب العام الناجح في الوظيفة العمومية والقطاع العمومي...هاهم اليوم يلتجؤون له ضد نقابة الثانوي...عله يسقط ما بيدها...بعد ان نعتوه باتحاد "الخراب"...أكثر من هكذا وقاحة ما ثماش حاشاكم…
ولهذا...انا متضامن...مع نقابة الثانوي...ومع الاتحاد... فأهل مكة أدرى بشعابها…
ولأني أؤمن بالديمقراطية في الدفاع عن الحقوق الإجتماعية والإقتصادية والديمقراطية...وباستقلالية المنظمات النقابية في القيام بذلك...ولا اتظاهر فقط بذلك...وأمارس العكس…
ولأني مشمئز من التنظيرات الثقفوتية حول المسائل التقديرية...التي قدرتها النقابة....ويدعي أصحابها القدرة على تقديرها عوضا عنها...وان النقابة لا تقدر على تقديرها مثلهم...وهم النبغاء....وهم مضيعين الأهم على المهم...يعني البوصلة...بوصلتهم…