تقدميون...لكنهم متخلفون عن تطور المجتمع والحداثة...ومحنطون…

Photo

أتذكر الكثير من "العفاطة"...سامحوني في العبارة...كانوا يتزايدون على رفاقهم الذين يتواصلون ويتناقشون ويتفاعلون مع المواطنين…عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة…بأنهم واقفون على الربوة ويتزادون على من يناضلو في "الميدان"…

وعادة ما يكون هذا الميدان وقفة احتجاية امام المسرح البلدي…او اجتماع في قاعة أحد النزل…بين مناضلين…وأبدأ في الأحياء الشعبية وبين متساكنيها…الذين لا يتنقلون إليها إلا بمناسبة الحملات الإنتخابية…ويمرون منها مر الكرام…

وهؤلاء أنفسهم…يعتبرون أيضا أن المرور بكثافة في وسائل الاتصال السمعي البصري…يكون شعبية لمن يمرون فيها… الانتخابات الحالية بينت ان كل تلك الخرافات سقطت في بئر عميق من التخلف…

شخصيا قرأت كثيرا لماركس وانقلز ولينين وغيرهم… وسمعت كثيرا بورقيبة وعبد الناصر وغيرهم…وكانوا جميعا يستعملون أحدث ما وصلت إليه وسائل الإتصال من تقنيات جديدة في عصرهم ولم يكن الموضوع ابدا محل نقاش بينهم…ويستعملون وسائل النضال السياسي وسط الجماهير…ولا في مواقع المترفين…للاتصال بالممواطنين والتفاعل معهم…ولاقناعهم بمشاريعهم….

وبدون الرجوع إلى تحارب الزعماء الثوريين التاريخيين وأحزابهم في العالم…فلنكتفي فقط بالتجارب في تونس… فمثلا بورقيبة وأصحابه…لما رجعوا بعد دراستهم في فرنسا واطلعوا على تجارب شعوب أخرى… في الثلاثينات من القرن الماضي…انضموا إلى الحزب الدستوري القديم الذي كان حاملا لمشعل الحركة الوطنية…ولكنهم سرعان ما فهمو ان قياداته محنطة… تجتمع في القاعات فيما بينها… وتصدر في المواقف لا غير….ومعزولة عن الجماهير…ولا تؤثر فيها…وغير قادرة على تعبئتها…لا ميدانيا ولا إعلاميا….وأنهم يستعملون وسائل نضالية غير متلاءمة مع بلغه عصرهم من تطور…

وبعد ان فشلوا في اقناعهم عن التطور…انسلخوا من الحزب بعد مدة قصيرة مع مجموعة من الشباب…واسسوا حزبا جديدا سموه الحزب الدستوري "الجديد"…وأطلقوا على الحزب الذي أنسلخو عنه عبارة الحزب "القديم"… وأسسوا جريدتين عصريتين باللغتين العربية والفرنسية…بالوسائل الحديثة في عصرهم… ومارسوا "الإتصال المباشر" بالجماهير الشعبية…فتنقلوا إلى كل مكان…وكونوا في الأحياء والقرى الشعب الدستورية…

وكانت تلك السياسة الإعلامية والتنظيمية من أرقى ما وجد في عصرهم…وتمكنو بها من قيادة الحركة الوطنية في بضعة سنوات…وكانت أول صولة لهم ضد المستعمر أحداث 9 افريل 1938..عيد الشهداء اليوم…

لكن المحنطين من اليسار عندنا لم ينسخوا فقط بعد ثورة حرية وديمقراطية وكرامة…طرق تنظم قديمة منعزلة على الجماهير موروثة من عصر الاستبداد…بل أيضا تمسكوا بوسائل تواصل مع الجماهير قديمة…

فاهملو الشباب مستقبل البلاد المنغمس في وسائل التواصل الحديثة…إضافة الي عدم التواصل معه في أماكن انتشاره في مقاهي الأحياء الشعبية والقرى…وأصبح عندهم التواجد في لافيني والساحات الرئيسية للمدن بين مناضلين…عنوان نضال…يتزايدون به!!

فجاء من تواصل معهم واجتمع بهم في أماكن تواجدهم…وقذف المحنطين خارج الصراع السياسي…وخارج التاريخ… لكن الغريب أنهم لا زالوا الى الآن لا يفهمون… بقوا مشدوهين…يرفضون الإقرار بأنهم من شاكلة الحزب الدستوري القديم…في التاريخ التونسي الحديث…

وها انهم يواصلون الهروب إلى الأمام…في الحقيقة الى الوراء…مثل الحزب الدستوري القديم …وسيكون مصيرهم مثل مصيره في زمانه…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات