بعيدا عن القضاء وملابسات الافراج والضغوط الفرنسية والاتحاد الأوروبي والتحركات الأخيرة لناصر العتيبة والأدوار التي لعبتها وكالة انتل و ما قدمته مجموعة هاربور...دعونا من كل ذلك فالوقت لم يعد يسمح ولا حتى نفوذ الثورة ويدها الدبلوماسية القصيرة تسمح بفعل الكثير، الآن وأمام اتضاح اللعبة واحتشاد المكون المالي والسياسي والإعلامي والسيستامي والثقافي والنقابي، لم تعد من اسلحة غير السواعد العزلاء والقلوب المؤمنة باقتلاع النصر من الصخر والنفس الطويل.
والاولى من كل ذلك وقبل كل ذلك فن ادارة المعركة وتحييد المقاتلين المراهقين الى ما وراء الصفوف الخلفية والتسلح بطلائع تتقن فن التجميع والتحشيد للتصدي للقرار الذي تم اتخاذه على الأرجح مساء الاثنين.
سوف تنتصر الثورة وتعبر اختبار 13 أكتوبر مثلما عبرت اختبار 15 سبتمبر و 6 اكتوبر، فقط يجب تحييد التنطع والكف عن تخشيب الفعل التحشيدي، والتركيز على حق الثورة في انتزاع انتصارها المستحق دون الاستغراق في التهديد والوعيد المجاني، مع العمل على طمأنة كافة الجهات الداخلية والخارجية التي يرغب السيستام في استمالتها عبر التخويف من الرئيس القادم من رحم الجماهير،
فالثورة تستهدف الفساد ولا تستهدف الثروة، وعلينا أن نشرح اكثر، بعد حملة التخويف الماكرة لرجال الأعمال الانقياء من اشتراكية ساحقة فاشلة في شكر تعاضديات أحمد بن صالح قادمة لتبتلع رزقهم، هكذا يهمسون الآن في أذن طبقة المال، كي تدخل في صراع مبكر مع الوافد الجديد لقرطاج ثم كي تشترك في المعركة لمنعه من اعتلاء منبر قرطاج السيادي.
كل المعارك الخاسرة هي التي فتحت على نفسها جبهات عبثية ثانوية في الاصل كانت في غنى عنها، وحاصرت نفسها نتيجة رؤى قاصرة، لذلك لا مناص من تحديد الخصم المباشر والعمل على الاحتشاد الإيجابي في الرواق المؤدي إلى قرطاج واجتناب الممرات والمغارات الجانبية لكي لا يضيع الجهد ولا تتفكك الكتلة الثورية نتيجة للفعل الصبياني، ثم والأوكد من ذلك لابد من تنمية ثقافة الاستقطاب وعدم تخذيل المقبل وتشجيع المتردد مهما يكن لونه وطعمه.. أذرع ممدودة تستقبل وترسل الى جبهات الانتخاب.
كلمة أخيرة.. هم الاقوى بالعتاد وانتم الاقوى بالسواعد والقلوب، هم الأقدر على خوض المعارك الغنية وانتم الأقدر على خوض المعارك الشعبية، سيتوحدون رغم اختلاف مصالحهم، فالأولى ان تتوحدوا لوحدة مصالحكم، سيتكاتفون من أجل افتكاك الوطن الثاني، رغم ان لهم فرنسا وطنهم الأول، فالأولى أن تتكاتفوا فلا وطن لكم غير هذا الوطن،
سيستميتون من أجل افتكاك وطن بديل يستحقونه فقط للمصيف والقمار والخمر والليالي الحمراء والتقاط الصور الجميلة خلف زرقة سيدي بوسعيد، فاستميتوا في انتزاع وطن تستحقونه للخبز والحرية والتاريخ والجغرافية، تستحقونه لذكريات الأجداد ولتربة تستريح فيها عظامكم عندما تزف ساعة الرحيل.