من يشكك في نزاهة نبيل بوفون او هيئة الانتخابات من خارج دائرة الأخطاء والتقصير فهو بالتأكيد لم يفهم ما حصل في تونس، ولا يدرك ما معنى ثورة وانتقال ديمقراطي، وما معنى أن تتباغض الأحزاب والشخصيات وتتحاسد الى حد الصدام، للمشاركة في عملية الاقلاع ومن أجل تسجيل اسمائهم في خانة التاريخ،
علينا ان ندرك اننا في حضرة مرحلة استثنائية، فالذي يملك بعض عقل، شطره او ربعه، سيسعى إلى المزاحمة والشراكة من اجل الحاق اسمه بمدونة تحمل أجمل الذكريات وأروعها وارقاها. ثم ما هو المنصب الذي يرغب بوفون في نيله ويكون ارقى من منصب ادارة المؤسسة المفصل في عملية الانتقال، ويغريه بالتزوير، ولصالح من؟!.. انه المنصب الارقى، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نسخة تونسية ! فخامة الاسم تكفي.. فماذا يريد نبيل بعد هذا الشرف من شرف؟!
لا يمكن لمن منحته تونس فرصة الإسهام في كتابة أول دستور شعبي في تاريخ البلاد منذ لبنة الانسان الاول على ضفاف نهر مجردة، او ربما في مدينة القطار القفصية إبان العصر الحجري القديم، لا يمكنه أن يتنازل عن ذلك الشرف تحت كل المغريات، كما لا يمكن لمن اهّلته بلادنا لتصدر اخطر وأدق مؤسسة دستورية أن يبيع حقوق الشرف لغيره من الناس ، ويرهن اسمه لفعل بخس مهين مثل التزوير أو الانحياز الأحمق لأرقام تبحث عن المجد بأساليب قذرة.
هو الناشط على الفضاء الافتراضي خلف حاسوبه، يسابق الزمن ويسابق بقية النشطاء للمشاركة في ملحمة الإقلاع.. هو الصحفي النزيه هو الإعلامي المتجرد هو المتظاهر هو المعتصم هو المتجمهر هو الباحث هو الكاتب هو المساهم بأي وجه كان..
الكل يبحث عن ترسيم اسمه في مرحلة لن يجود الزمان بمثلها، مرحلة شهدت فيها تونس نهاية حقبة الحكم بوقود الدم وبداية حقبة الحكم بوقود الحبر، أيها المواطن أنت اليوم لا تخرج لتضرج نحرك بالدم، فقط انت تخرج لتضرج اصبعك او بعض اصبعك بالحبر.. بين هذه وتلك دفعنا الشهداء والدم والكثير الكثير من الدموع وقصص اخرى يختلط فيها الكبد حين يتقرح بالقلب حين ينفطر.
ان اكبر الحمقى هم الذين وهبتهم تونس فرصة الإسهام في الاقلاع التاريخي ثم باعوا أسهمهم واشتروا أوراق اليناصيب والرهان الرياضي والبقية اشتروا بها زطلة وسلتيا وحبوب الارطال.. اما فضلات الصرف الهينة فقد اشتروا بها "ألْكول=زمبريط"، ولائك أقرب الى الوثنية الصبايحية منهم إلى الوطنية الصبُوحة.