في تاريخ الصراع مع الأوبئة المعلّبة المعلّمنة، كانوا يتّهمون أبناء الحركة الإسلاميّة كلّهم بالتعصّب والتزمّت والتشدّد، حتى إذا تفطّنوا إلى علاقة أحدهم بفتاة أو شاهدوه في عرس هيمن عليه المزود، أو استهلكته لحظة غزل مع هذه أو تلك، أو أيّ من السلوكات التي يعجّ بها المجتمع وحوّلها إلى تقاليد، حينها يشنّعون به ويصفونه بالمنافق، ويذكّرون الناس بمقولاتهم السابقة " لا دخل لهؤلاء بالدين وإنّما يستعملونه ويتمسّحون به.. وما أبعدهم عن سلوك الإسلام.. نحن لسنا ضدّ التديّن ولكنّنا ضدّ النّفاق وركوب الدين" وتتحوّل مشكلتهم من "ضدّ الدين والتديّن" إلى "ضدّ استعمال الدين".
شيء يشبه ذلك حدث هذه الأيام مع خصوم ائتلاف الكرامة، حيث وقع اختيارهم على شمس الدين باشا لتدشين دورة أخرى من دورات التهجّم على هذا الكيان المتوازن المتناغم مع شارع ثورة الحريّة والكرامة، سهامهم هذه المرّة توجّهت نحو زياد الهاشمي، أين همس شمس الدين على هامش برنامج الوافي أنّ الهاشمي كان يعزف!!!! يعزف.. يعزف؟! نعم يعزف!!! يعزف ماذا؟ يعزف على آلة موسيقيّة!!! تبّا لكم! متى أصبح العزف عاهة أخلاقيّة يغمز بها الجنس الثالث في حقّ الجنس الأول؟ ثمّ ما دخل أبناء الــ"عايقة" وأبناء الــ"مقطورة" بفتاوي ابن تيميّة وبن حنبل ومرويات بن ماجة..
بعد رواية شمس، خرجوا يتهكّمون على زياد، يلمّحون إلى دونيّة الموسيقى ليس كرها فيها وإنّما فقط للنيل من شخصه، هم الذين يحتقرون العفاف ويعتبرون الأخلاق مثلبة ويصفون من يستمع إلى أم كلثوم وفيروز وسيّد مكاوي بالرجعي، ويزدرون كلّ أنواع الموسيقى التي لا يتلبسها السعار الجنسي، ولا ترشح منها الفضائح ولا تشطح لها الغرائز.
يروّجون لمسرحيّة ممجوجة تمّ إعدادها بشكل مخجل في المطبخ التلفزي المُوحش.. ثم تداول الوباء الحداثوي أنّ أحد قيادات الكرامة يعزف!!! أيّها الجمر الخبيث لقد عزفت عنكم الكرامة، وعزفت عنكم الوطنيّة، وعزف عنكم الشرف، وعزف عنكم التعايش، وعزفت عنكم الموسيقى..
كل المضامين الجميلة عافتكم وعزفت عنكم، حتى حفتر الذي راودتموه عن نفسه عاف وعزف وفضّل عليكم قبائل الجنجويد، وشهد شاهدكم أنّ قميص المشير قدّ من دبر… تراود زليخة يوسفها ويراود الجعلان جعلهم.
أعزف زياد، وبالغ في العزف؟! أقصفهم بموزار؟ّ ثم ألقى عليهم الإزار حتى لا تؤذينا روائحهم!. أعزف ولا تعزّف عن العزف، فقط دعك هنا في حلقهم، دعك هنا ولا ترحل بعيدا.. لا تسافر لا تغادر أيّها الولد المغامر، أنت مجنون وثائر.. لا تهاجر!