لو أعيدت الانتخابات حاليا، ستظهر خريطة حزبية جديدة، تتصدرها قائمات "الشعب يريد" التي قد تتقدم باسم قيس سعيد، وفوزها في اعتقادي سيكون على حساب الأحزاب التي دعّمته في الرئاسية، باستثناء النهضة ذات الصلابة التنظيمية والإرث التاريخي.
صحيح أن قيس سعيد قال يوما بأن الزمن لم يعد زمن الأحزاب، وأن مشروعه يتعارض مع النظام القائم، ولكن قد يضطر لتمرير مشروعه إلى دخول البرلمان لمواجة الأحزاب وفي مواجهتها. وحينئذ تجد الأحزاب الصديقة أو الداعمة نفسها متجهة نحو التراجع أو حتى الاندثار بالنسبة للبعض، وقد يندفع بعض قيادييها إلى الاندساس في مشروع قيس سعيد، مثلما يندسّ البعض حاليا في هذا الحزب أو ذاك، تحيا تونس نموذجا.
هذا في صورة إعادة الانتخابات في مدى قريب، وبالتحديد قبل أن تنكشف حدود حركة قيس سعيد وقدرته على الاستجابة لانتظارات ناخبيه، أما إن جرت الانتخابات التشريعية في موعدها أو حتى بعد سنة من الآن، فإن الوضع سيكون مختلفا نوعا ما.
وبالفعل فإن خمس سنوات أو حتى سنة واحد، تعتبر في اعتقادي فترة كافية لكشف حدود قدرة الرئيس من جهة ومن جهة أخرى حدود الأحزاب التي جاءت على موجة الخط الشعبي أو الثوري. وسيلعب ذلك لفائدة المتقدمين باسم المنظومة القديمة، فهم يستفيدون من أخطائهم، ومسار التاريخ يعطيهم أولوية بعد موجة كانت ضدهم، بمعنى أن إعادة الانتخابات ستكون معاكسة للروح التي انبعثت في انتخابات أكتوبر 2019.
إلا أننا في نفس الوقت لا نتصور أن المنظومة القديمة ستكون قادرة على إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، لأن النوستالجيا ليست عاملا في التأثير في التاريخ. ولكم مثال على ذلك نداء تونس، رغم فوزه الكاسح في 2014، ووجود عدد من الوجوه القديمة فاعلة فيه، فإنه لم يستطع أن يعيد البلاد إلى ما قبل 2011.
الأمر نفسه سيعاد في الانتخابات القادمة، بمعنى أن الأمر لا يتجاوز دغدغة رصيد انتخابي، ينتهي مفعوله بعد الإعلان عن النتائج.