الآن بدأنا نستشعر أنّ السيّد رئيس الحكومة شخصيّة غير عاديّة! غير عاديّة كيف؟ لا ندري بالتحديد! هل الرجل لديه كرامات مثل تلك التي تروى عن السيّد عبد القادر الجيلاني، أم أنّه كمغني المدينة عيسى بن عبد الله الملقّب بطويس؟ إذا كان الفخّفاخ اعتمد استدراج القوم ليتّقي شرّهم حين منحهم رخصا لتصوير مسلسلاتهم من دون عباد الله المحجورين المعزولين، ومنحهم امتيازات ماليّة ليفحش بها إعلامهم على شعبهم،
إذا كان الاستدراج وكان "يركح فيهم لضربة عجل موّدع" فقد أفلح إلياس الفخّفاخ، ويمكننا حينها الحديث عن مناقبه كما حدّثنا أحمد شافع الجيلي عن مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني حين قال : كنت مع سيدي الشيخ عبد القادر بالمدرسة النظاميّة فاجتمع إليه الفقهاء والفقراء فتكلّم في القدر والقضاء، فبينما إذ هو يتكلم إذ سقطت حيّة عظيمة في حجره من السقف ففرّ منها كلّ من كان حاضرا عنده ولم يبق إلا هو فدخلت الحيّة تحت ثيابه ومرّت على جسده وخرجت إلى طوقه والتفت إلى عنقه ومع ذلك ما قطع كلامه ولا غيّر جلسته ثمّ نزلت إلى الأرض وقامت على ذنبها بين يديه فصوّتت ثمّ كلّمها بكلام ما فهمناه ثمّ ذهبت فجاء النّاس إليه ثمّ سألوه عمّا قالت له وقال لها , فقال : قالت لي لقد اختبرت كثيرا من الأولياء فلم أرَ مثل ثباتك . فقلت لها : إنّك سقطت عليّ وأنا أتكلّم في القضاء والقدر فهل أنتِ إلا دويدة يحرّكك ويسكنك القضاء والقدر؟!.
أمّا إذا كان الفخّفاخ يرغب فعلا في مساعدة هؤلاء على حساب أمننا وعرقنا وبفضل مساعداته افتضح أمرهم، فهو لا دخل له بالولْية و لا شكّ حينها سيكون أقرب إلى عيسى بن عبد الله الملقّب بطُويس، الذي ضربت به العرب أمثالها فقالت "أشأم من طُويس"! قالت العرب أنّ طويس وُلد في اليوم الذي توفيَّ فيه رسول الله الكريم صلّى الله عليه وسلّم، وفُطم في اليوم الذي مات فيه أبو بكر الصدّيق، وختّن في اليوم الذي قُتل فيه عمر بن الخطّاب، وتزوّج في اليوم الذي قُتل فيه عثمان بن عفّان، وولد له أوّل ولد في اليوم الذي قُتل فيه عليّ بن أبي طالب.. وهو الذي يقول عن نفسه:
أنا أبو عبد النعيم**أنا طاووس الجحيم**أنا أشأم مَن يمشي على ظهر الحطيم.
لماذا كلّ هذا؟!
لأنّ الفخّفاخ طلب من وزيرة الثّقافة منح تراخيص خاصّة للمسلسلات التونسيّة، ولمّا نالوها رغم هالة الاحتجاجات وأتمّوا تصويرهم، رأينا ماذا وقع في قلب الذيب أو العمل الذي جمع بين الفضيحة والخيانة والابتذال، رأينا أيضا أحد أفشل المواسم الفنيّة التي مرّت بها المسلسلات التونسيّة.. ثمّ إنّ السيّد رئيس الحكومة قرّر منح امتيازات ماديّة للإعلام التونسي ولا أحد في حاجة إلى المزيد من التعريف بالإعلام التونسي وأدواره وأشراره وأخطاره.. وإذا كانت المسلسلات سقطت من علو شاهق بعد الترخيص الفخّفاخي، فإنّ الإعلام أفلس وجنّ واختبل بعد المِنح الفخّفاخيّة!!!
ذاك الحوار التونسي خسر برنامجه أو خنجره المسموم الذي طالما لوّحت به مراكز النّفوذ في وجه الثّورة والانتقال الديمقراطي، وأمّا الإذاعة الوطنيّة فقد دخلت في سِنة من الهوس الجنسي، يقال فلانة ركّبها جنّي واليوم أصبحنا نقول فلانة "الإذاعة" ركّبها جنسي!!!
ثمّ إنّ الخسائر لم تتوقّف عند ذلك الحدّ، فبعد هِبة الفخّفاخ ومزيّته المالية "دخل سفيان بن حميدة وخرج في الحلّة! عطا وخذا كيما يقولوا! كيف لا وهو الذي حطّم أسطورة لطفي العماري الذي احتفظ بالصدارة لسنوات بفضل ميناء الزنتان، فجاء بن حميدة وأسقطه ليتربّع على عشّ الهبال! الملفت أنّ الأرقام القياسيّة كلّها مرتبطة بالماء!!! بالشواطئ.. شاطئ الزنّتان وشاطئ النسّوان...