كلّ المسلسلات تبدأ هكذا بالمتاعب، يتوه البطل في حروب الحلقات الأولى وتغرق البطلة في مشقّة الحلقات الوسطى ويشتدّ التباعد في الحلقات الأخيرة، ثمّ وفي النصف ساعة الأولى من الحلقة الأخيرة توشك البطلة على الانهيار ويوشك البطل على الهلاك، وفجأة يتدفّق شلال الانفراج وتختفي الجراح من وجه البطل وتمسح البطلة كحلها الغارق بالدموع أو دموعها الغارقة بالكحل، وتعود تكحّل جفونها من جديد، تمعن البطلة في تخثير زينتها، تلبس الجديد وتلتقي مع البطل لحظات قبل جينيريك النهاية…
ذهبت الأربعاء البطلة إلى عدل الإشهاد هشام المشيشي الذي وثّق اللقاء التاريخي بينها وبين والبطل وشهد على ذلك المواطن المعتوق محمّد كريم كريفة، كان البطل يدرك أنّها ستأتي فهي منه وإليه، ترقّبها طويلا وتطلّعت أطول منه إلى هذا اللقاء، كان يراقبها بإعجاب وفخر وكان يرسل إلى الحرس الرئاسي أن لا يعترضوا سبيلها حين تجوب بهو المجلس بحوافرها الرقيقة، هناك تركت بقايا حنّتها على رخام البهو..
قاتلت واستبسلت من أجل أن يبقى بطلها بلا منازع وأن يحتكر ويختزل الرئاسات الثلاث في رئاسة واحدة، أبلت البلاء السيء الذي يرتضيه بطلها.
في دار الضيافة التقت البطلة بالوسيط! مبعوث العناية القيسيّة، هناك قدّمت صنوف الولاء وبارك البطل خدماتها وثمّنها عبر عدل الإشهاد السيّد هشام المشيشي، ذلك اللقاء الذي شكّكت فيه قوى السطحيّة والفهم القاصر، وتنبأت به بشكل مبكّر القوى الثاقبة التي تبصر ما وراء الوجه القاتم وتحسن تقرأ تقاسيم الصمت المشحون بتفاصيل المؤامرة، ذلك الوجه الصامت الذي يختزل خلطة غريبة مريبة شاذّة، خلطة جمعت بين جدائل كسرى عظيم الفرس ولحية ماركس عظيم الشيوعيّة مع بعض التجاعيد القذافيّة التي تشدّ الوجه إلى الأسفل وتبالغ في شدّه حتى ترتخي الشفاه ويترهل اللسان فيفصح عن لعاب تقطر منه بعض جينات أوكسانا بالينسكايا!
حين يحدث اللقاء بين نفايات الفاتح وبين مشيمة التجمّع، حينها سينتهي ألفريد هتشكوك عن ترويع الإنسانيّة بأفلام رعبه وسيجنح إلى أفلام الواقع، في تلك اللحظات الساخرة وعلى وقع خمرة اللقاء المجنون يقترب شهريار بأنفاسه كثيرا من شهرزاد حتى تستطعم كبوسانه وكريستاله.. ثمّ ها هو العاشق يهمس في طبلة أذن شهرزاده الغليظة: وأخيرا يا شهرونة.. أخيرا التقينا بعد ألف مؤامرة ومؤامرة.. وحين يقترب منها إلى ما قبل مسافة الصفر بثانية واحدة... تصرخ فيه أمّه من كوّة الباب: خلتلك دارك يا مهبول، ودْراتك يا رخيص ندادو!!!!!!
ثمّ ينتبه الجميع على تونس وهي تجهز لانتخابات رئاسيّة مسبقة......! من هنا، من هذه القرطاج العالية الأعلى من مديح الظلّ العالي، من هذه الضاحية الشماليّة الشامخة، وعبر عقد من الزمن، مرّ الرئيس المناضل ومرّ الرئيس الكاريزما كما مرّ الرئيس الكراكوز.. وقديما قال أجدادنا، الكراكوزات لا يعمرون طويلا في بلد النخل والزيتون.