أقرأ ترويجا للفاشيّة وشقيقتها الشعبويّة بحكايات سبرٍ للآراء تقول إنّ نوايا التصويت تتّجه لفائدة قيس سعيد في الرئاسيّة وإلى عبير موسي في التشريعيّة.
هذه الأعمال إنّما تتعمّد هرسلة المزاج العام لأجل تسليم الناس بالهزيمة بعد عشر سنوات من محاولات الخلاص،
- أمام امرأة وقحة قليلة تربية لم تفعل شيئا سوى تصدّر الشاشات في حلقات للردح كانت تنتقم بها من المسار السياسي الذي تعيشه البلاد بعد هروب سيّدها، مستثمرةً الديمقراطية التي سمحت لها بمكان تحت شمسها،
- ولأجل الرضا برجل لا يعدو ظاهرة صوتية جوفاء، لا ظهير له غير عصابة من الضباع اجتمعت حوله لاختطاف الدولة ونسخ التجربة بجرّة قلم معطّب لا يملك أن يكتب في تاريخ الإنجاز عملًا يُذكَرُ.
ما الذي فعله قيس سعيّد في سنته الرئاسيّة الأولى حتّى يتصدّر نوايا التصويت؟
وما هي الصورة التي أنتجتها عبير موسي حتّى تستحقّ أن تكون بديلا لغيرها في أذهان الناخبين؟
في رأيي،
قيس سعيد كان خيبة كبرى لغير قليل من ناخبيه.. أمّا عبير موسي فما مثّلت غير كومة من البذاءة شوّهت البرلمان ونواب الشعب فيه.. ولا أظنّ أنّ عاقلا اختنق بالبذاءة يختار فاعل البذاءة.. هذا أمر لا يستقيم لعقل ولا ينطلي على عاقل.
الأوضاعُ التي تمرّ بها الأحزاب العاجزة عن الارتقاء بأدائها، والاضطرابُ الذي عليه السياسة قد ينفّران الناس من الأحزاب جميع الأحزاب ويحملان الناس على كره السياسة كلّ السياسة.. ولكنّ ذلك لن يصبّ ضرورة في صالح الشعبوية وشقيقتها الفاشيّة.
عبير على رأس حزب من تلك الأحزاب، حزب لا يزال الشعب التونسي يحتفظ له بأقبح الصور، وعشرُ سنوات ليست كافية لمحو الذاكرة.. والذين أطردوا بن علي من بلادهم لن يرضوا بأن تتصدّر المشهد خادمةٌ من خادماته كانت مهمتها قيادة جوقة المزغردات تكملةً لوشايتها بزملائها لدى الدوائر الأمنية التي كانت تحرس نظام الفساد والاستبداد.. هل يرضى الشعب التونسي بأنّ تتصدّر نواياه واشيةٌ؟ التونسيّون، قل فيهم ما شئت، ولكنّهم يكرهون القوّادين.
وعشر سنوات من إخفاقات الأحزاب لن تسمح لرجل، لا حضور له في ذاكرة أحد، بأن يستوليَ على السياسة وهو يحاربها ولا بأن ينسف مسارا ديمقراطيا جاهد الفرقاء في إقامته ووضع تشريعاته، فهل يقبل الناس بأن يكون صدرَ نواياهم رجلٌ وصل إلى الرئاسة بفضل سُلّمٍ وبمجرّد وصوله صرّح لهم بضرورة هدمه؟
الفاشية ظاهرة سياسية باتت خارج التاريخ، لأنّ البشريّة جرّبتها من قبل وذاقت ويلاتها والشعبوية ظاهرة ثانية ليست سوى حقل منتجٍ للنبات الفاشي، لذلك فإنّ قيس سعيد وعبير موسي متكاملان يتشاركان في فعل واحد في نهايته نفق مظلم لا نور فيه.
إذا أنت اتّهمت الديمقراطيين فأولى بك أن تتّهم أعداء الديمقراطية.. هؤلاء لن يطعموك خبزا، وفوق جوعك سيسلبونك حريتك…
لا أظنّ أن نوايا الشعب التونسي ترى مثل هذا الانسجام بينهما وتختارهما معًا.. مهما كان.