إلى أي درجة من العبوديّة نزل البعض؟ إلى واديها السحيق هناك في قاع الذلّ! أين لا يصل الذباب استنكافا ولا يصل البعوض استعفافا..
يا الله إنّهم يقولون "وأخيرا تحرّك الرئيس.. شكرا قيس سعيّد.. فعلها الرئيس..برافو قيس.. اضرب أيّها الإخشيدي..." يا ربّ، ألا يعلم هؤلاء العبيد أنّ للبلاد دستورها، ألا ينظرون في فقرات وفصول الدستور مجرّد نظرة عابرة ليكتشفوا جهلهم وحماقاتهم.. بل إنّ الكثير منهم يدركون ذلك لكنّهم يستعذبون الشموليّة، يحنّون إلى رئيس بصلاحيّات الأرض ثمّ يلوي عنقه إلى السماء يبحث عن المزيد من الصلاحيّات، إنّهم يحنّون إلى نسخة من بن علي أو السيسي أو بشّار أو أي من وحوش العسكر العربي الذين تسلّطوا على الشعوب منذ ستينات القرن الماضي...
يا معشر الجهل ما دخل قيس سعيّد بالقضاء! ولنفترض أنّه تدخّل اليوم في أعدل القضايا، غدا سيستعمل شموليّته في البطش والقهر هو أو من سيأتي بعده.. يا أيّتها البغال التي جلبت الدكتاتوريّات على ظهورها لعقود، قبل أن تطلبوا من الرئيس شيئا ألقوا نظرة على صلاحيّاته ثمّ اطلبوا.. لا دخل للرئيس بالقضاء، لا تحرّضوا الرئيس على انتهاك الدستور، لا تشتروا العبوديّة بالجملة، اشتروها بالتقسيط وعلى مقاسكم وليس على مقاس الوطن.
درجت تقاليدنا على تربية النحل، تربية الماشية، تربية الدواجن.. فإذا بنا أمام زمرة امتهنت تربية الاستبداد! تسقيه ترويه تعلفه تشبعه حتى إذا اكتملت مخالبه واشتدت انيابه أطلقته ليعقر ويبقر..