سبق أن كتبت عن انزعاج البعض من نقدي لرئيس الجمهورية قيس سعيد، رغم تواضع صفحتي ومحدودية عدد المتفاعلين مع ما أكتب إذ لا يتعدون في أقصى الحالات العشرات لا أكثر، وصفحتي لا تضاهي بأي برنامج إعلامي، والإعلام يجاري قيس سعيد بشكل عجيب وحتى مريب إذا قارناه بما تعرض له الرئيس منصف المرزوقي قبله من حملات إعلامية ممنهجة محورها الإشاعات والفبركات دون أن يكون له أو لأنصاره ردود فعل.
ويبدو أن التضايق من النقد متأت من عدة دوائر ليست فقط من الأنصار المتحمسين الذين يفرطون في إظهار ولائهم، وفي هذا الإطار اعتُبر النقد إهانة (كذا) و"أمر موحش ضد رئيس الجمهورية"، بما فتح الباب للتهجم على من نقدوا سعيّد والذين اعتبروا من "الحثالة الحامقة" و"المرتزقة" و"الجبناء" و"الضباع والكلاب"، مع توعدهم بعدم الرحمة "من يفكر بهذا لن نرحمه" و"يجب معاقبة كل من يتجرأ على رئيس الجمهورية" الخ. لغة مستمدة من معجم الشُّعَب عندما كان التجمع الدستوري يصول ويجول.
نعم، رئيس الجمهورية قال بأن ليس له حساب على شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أن الدوائر القريبة منه بالتأكيد لها صفحاتها، وتتابع ما يجري أولا بأول، وهذا طبيعي. وبالتأكيد أصحابها يعلمون -على الأقل- أن هناك صفحات تتحدث باسمه وتدعي مناصرته وببعضها مئات الآلاف من الأعضاء، وهي تطفح بالتعبير الولاء والتأييد "في نخوة واعتزاز"، ولا أعتقد أن ذلك لا يصله،
عندما تتصفح هذه الصفحات التي تناصر قيس سعيد، تجدها تطفح بالتحريض ضد من ليسوا معه، وتطفح بلغة بذيئة أحيانا، وكأن هدفها هو توتير الوضع العام والدعوة إلى التباغض من خلال الثلب والكذب الرخيص. هذه الصفحات لا تختلف عن الصفحات التي توصف بالمأجورة.
يبقى السؤال عن الصمت إزاء ما تنشره، وإزاء المشرفين عليها، وكأنه فوق القانون أو يشعرون بأنهم كذلك، بمجرد أنهم أنصار الرئيس.