لم يزعجني ما فعلته المتظاهرات يوم السبت 30 جانفي 2021 مع قوّات الأمن.. كنّ يمارسن حريتهنّ يرفعن سقفهنّ عاليًا.. وقد نجح رجال الأمن في ضبط النفس ولم يُستدرَجوا إلى ردّ الفعل رغم بذاءة ما ظهر من أفعال المتظاهرات... لقد أثبتت القوات الأمنيّة أنها قادرة على أن تكون قوات أمن جمهوريّ محترف.. معقولة بالقانون…
ما أزعجني، فعلا، هو الوضع البائس الذي وصل إليه اليسار التونسيّ الذي يدّعي أنّه وريث نور الدين بن خضر وجيلبار نقّاش وبقية الرفاق المؤسّسين للحركة اليسارية التي قاومت الدكتاتورية ودافعت عن العدالة الاجتماعيّة.. وتعلّم الناس من أدبيّاتها واستناروا بأفكارها…
هؤلاء اللائي رأيناهنّ في الصور يستفززن رجال الشرطة بأعمال بذيئة وأقوال وقحة وإشارات قبيحة وشعارات مستفزّة وهيئات مُخلّة إنّما يعبّرن عن أنّ مدرسة اليسار التونسيّ لم تنجح في تربية تلاميذها على قيم الحرية والعدالة والأدب، فأنتجت مسوخا بشرية لا صلة لها باليسار من قريب ولا من بعيد... مسوخ تعلّمت، خطأ، أنّ التقدّميّة تعني التظاهر بالانبتات السلوكي والانفصال الأخلاقيّ والفجاجة التعبيريّة…
نساء بورجوازيات متعفّنات مللن معاشرة التخمة وفاضت عليهنّ أعمارهنّ بعطالتهنّ عن كلّ ما يفيد، فخرجن يتظاهرن في الشارع بما أوتين من سماجة وفساد ذوق... وأظهرن استهانة برجال الأمن وبأعراف المجتمع بسبب ما يجدن في أنفسهنّ من استعلاء ليس له ما يبرّره... ولم يتورّعن عن الاعتداء على الشرطة.. وعلى المجتمع دون أن يجدن في أنفسهنّ أدنى حرج…
لقد رأينا لأوّل مرّة كيف يمارس المواطن اللامسؤول حرية لم يفهمها وكيف يمارس رجل الأمن انضباطا احترافيّا واعدا بأمن جمهوريّ يطمئننا على بلادنا وحقوق الناس بها…
ما جرى يوم أمس كان مطمئِنًا من جهة رجال الأمن... ولكنّه ترك في النفس حزنا لأنّه كشف تفاهة ما انتهى إليه يسار تونسيّ كان يمكن أن يكون قيمة مضافة لبلادنا.. ولكنّ الورَثة أفسدوا التركة وعبثوا بها عبثا كبيرا كانت خلاصته نساء يتظاهرن وفي أحضانهنّ كلاب يتزيّنّ بها.. ويجازين الشرطة عن إمساك قنابلها عن دموعهنّ برميهم بما بأيديهنّ من متاع جئن به لأجل المبارزة.