كيف تتحول الوطنية إلى سلاح بيد الأكثر سخرية منها؟ كيف تصبح رمحا في يد سلطة توجهه باستمرار إلى خصومها وليس نحو أعداء مفترضين؟ وكيف يقع تسريع نسق إنتاج تهم الخيانة بحسب تزايد نسق حاجة السلطة للتخلص من خصومها الذين تستشعر منهم أقل تهديد عليها؟
النسق المتصاعد لذلك كله سببه مشكل شرعية تستبطنه السلطة. الأنظمة التي لا تعيش مشكلة شرعية لا تخوّن خصومها ولا تستهدف ناقديها. هي مستقرة بقبول الناس لها عبر طرق متفق عليها للوصول إلى الحكم.
هناك ورطة ما. ورطة لا تقول إسمها وتختفي دائما وراء الشعارات الكبرى. وكلما كبرت تلك الشعارات، كان ذلك دليلا على مسعى لتجميع الناس حول ما لا خلاف مبدئيا حوله، وابتزازهم بشعورهم.
السعي للتجميع يفترض ببساطة أن العقد قد انفرط بعدُ.
لوم الناس على العنصرية
لوم الناس على العنصرية، والبذاءة، والنفاق، والشماتة، والتحريض، والحقد، وغيرها من المشاعر الحزينة لا ينفع. هناك سبب لكل شيء، وهذه الظواهر يُسعى لفهمها قبل إطلاق الأحكام عليها. اعتقادي أن الأمل هو الذي يخرج أفضل ما في الناس، وأن اليأس يخرج في المقابل أسوأ ما فيهم. من يأمل يتفاءل وجوبا، ويكون مستعدا للإنتظار.
وحده اليائس لا يقوى على انتظار شيء، يستعجل انهيار كل شيء بدل انتظار النهاية الممل والمرعب. اليائس لا يقوى على الإنتظار، وهو يعتقد أن تدمير كل شيء قد ينهي عذابه. المشاعر الحزينة دليل يأس ومؤشر على أن الخراب قد مضى بعيدا جدا في الجسم الإجتماعي.
من يقاوم هذا الخراب هم حملة الأمل الذين لم يهزمهم اليأس، بذرة ستعيد بناء كل شيء عندما يعم الرماد وعندما سيتوجب الإنطلاق مجددا. متفائل على المدى البعيد، رغم كل هذا الخراب الذي ينتجه اليأس.