"المشهد الي فيه هجوم على البورقيبية ما ينجمش يكون مشهد ديمقراطي" !!! هكذا اختزل عبيد البريكي الديمقراطية وربما التجربة والثورة في الموقف من بورقيبة، من كان مع بورقيبة الشمولي الرئيس مدى الحياة، بورقيبة بن يوسف وصباط الظلام والشرايطي والرحموني وغيرهم، من كان معه ويمجده فهو ديمقراطي وما نحن بصدده عين الديمقراطية، أما من اخضعه الى الجرد النزيه فذلك يهدد النظام الجمهوري!
في حواره مع راديو شمس اف ام قال البريكي أن "مشهد 2011 يتكرر اليوم بشكل آخر، اليوم الدعوة إلى نظام خلافة هي دعوة مبطنة، كانت في 2011 عن طريق حمادي الجبالي..المشهد الثوري الذي تشكل اليوم هو ضرب لمختلف المكونات التي يقوم عليها النظام الجمهوري، وفي هذا الإطار يأتي الموقف من بورقيبة، الذي أقر التعليم العام وتجاوز التعليم القرآني اليوم الناس تدافع على مدرسة الرقاب، بورقيبة أقام المؤسسة القضائية، بورقيبة احدث النظام الجبائي اليوم هناك دعوة للزكاة.. الامر فيه الكثير من الخطورة وصلنا الى مرحلة شبكات التواصل الاجتماعي تقتل في الناس وهي على قيد الحياة".
كما أكد البريكي ان اليسار لم يندثر حتى وان لم يتواجد تحت قبة البرلمان، والدليل انه كان سنة 2012 صفر فاصل رغم ذلك تم استهدافه بالاغتيال، لأن الجبهة التقدمية التي دعا إليها شكري بلعيد كانت تمثل خطرا على المشهد.
وحول الاسباب التي ادت الى انهيار اليسار أكد عبيد أن انشغال اليسار بمسائل مثل المساواة في الإرث والأقليات وانصرافه عن المشاغل الحقيقية تسبب في خسارته، وضرب مثلا بالشعبوية التي نجحت في مغازلة الشعب، واعتبر أن ائتلاف الكرامة يمثلها، وأكد أن الإسلام السياسي استفاد من الهوية، وفي هذا السياق دعا البريكي مكونات اليسار الى المصالحة مع الهوية، ثم أضاف أن اليسار يلعب في مقابلة كرة ويلعب على اليسار، لكن الكرة لم تصل إليه ، لذلك عليه ان يدخل الى الوسط ليأتي بالكرة! ذكر ايضا ان رصيد الجبهة الشعبية ذهب الى حركة الشعب والتيار الديمقراطي.
"أنا اصلي وطدي" كلمة قالها البريكي في سياق حواره مع راديو شمس، كما قال انه يعترف بارتكابه لخطأ حين ترشح الى الانتخابات الرئاسية، وإلا كان يسعه الان ان يشرف على عملية تجميع اليسار أو العائلة التقدمية. حركة النهضة كانت حاضرة في أكثر محاور النقاش، قال البريكي أن النهضة بــ24% تحب تهز الملة وما ثم.. وانها دائما تتخفى و دائما في الحكم ودائما داخلين في الربح خارجين من الخسارة.
وحول إعادة الانتخابات، أصر على انها دعوة غير جدية، ووفق رأيه أن "قيس سعيد مازال في -طنبكو- يعمللهم لجان ثورية تو الكل يجو البرا"، وأشار إلى أنه من مصلحة الجميع ترك الأمر للنهضة "سيبوها خليها تحكم هي وسيف الدين مخلوف خلينا نشوفوا البلاد وين توصل"، واحتج البريكي على ذهاب التلفزة لتغطية صلاة الجمعة مع قيس سعيد "يا ولدي هذا بينو وبين الله" لكن الاعلامية قامت بالتصويب وذكّرته ان صور الجمعة كانت من تصوير المصلين وليس التلفزة.
وقال البريكي ان لديه جملة من المآخذ على خطاب القسم، الذي أداه رئيس الجمهورية، منها عدم ذكره للاغتيالات، وتجاهله للإعلام.
من يتابع حوار البريكي ، يدرك ان الوطد من الأشياء القليلة على هذا الكوكب التي لم ولا ولن تَصلح ولا تُصلح ولا ينصلح حالها، زحمة غريبة من المتناقضات في مساحة زمنية قصيرة، واحد من كبار رموز الوطد يتحدث ولا يقول، يطرح ولا يقدم ، هذا البريكي كان من العرابين الى جانب ذلك الجرادي، حين كانت البلاد تئن تحت ذاك البن علي.