لا يليق بدولة تتصدّر تاريخا عريقا بين أمم العالم أن تكرّس معاملة المواطنين التونسيّين من طالبي التأشيرة معاملة مهينة ومذلّة.
لا يكفي أنّها تستولي على أموالهم بشتّى الحيل القانونيّة ولا تردّها في حال الرفض. ولا يكفي أنّها تغلق باب المواعيد وتؤخّرها، وإنّما ترى من حقّها أيضا أن ترفض المطالب بلا تعليل. ومع ذاك تدّعي فرنسا أنّها أمّ حقوق الإنسان والحرّيات العامّة والفرديّة وما إلى ذلك من حجج الاستبداد المقنّع.
في المقابل يتمتّع المواطن الفرنسي بالتجوال في تونس في أيّ وقت دون جواز، كما لو كانت تونس مقاطعة فرنسيّة. يبدو أنّ فكرة الحماية الفرنسيّة لتونس لم تزل من أذهان أصحاب القرار الفرنسييّن. ويبدو أنّ الفرنسيين الذين يتكرّمون على تونس بالزيارة والفسحة مقابل المبالغ الزهيدة إنّما يأتون ليعلّمونا الحضارة لأنّنا شعب بدائي.
أعلن في ما يخصّني أنّني لن أشارك في أيّ ندوة أو لقاء أو تظاهرة علميّة وثقافيّة يكون فيها الفرنسيّون منظّمين أو طرفا في التنظيم. أعلن أيضا أننّي لن أطلب تأشيرة لدخول فرنسا في القابل من الزمان. أعتزّ بأنّي عضو مراسل بأكاديميّة مارسليا-أكس. ولا أزيد على ذلك احتراما لمن اختارني واقترح عضويّتي.
أطالب رئاسة الجمهوريّة بإقرار المعاملة بالمثل، ومطالبة الفرنسيّين بالتأشيرة مقابل نفس المبلغ الموظّف على التونسيّين.
وإذا لم تدرك فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبيّة المماثلة أنّ الإنسانيّة محتاجة إلى العيش معا، وتقاسم هذا الكوكب على نحو من التعاون والأخوّة، فإنّها تكرّس نظاما عالميّا أساسه التمييز العنصريّ والثقافي، أقرّ بأنّي لا أنتمي إليه وأقاومه بكل ما أوتيت من جهد.