كنت على يقين باستعادة الشيخ والاستاذ رضا الجوادي لحريته ..فلا يمكن الاستمرار في حبسه بتهمة لم يرتّب لها جيّدا وان كان الخطأ الاجرائي فيها حاصل (فتح حساب بنكي باسم مؤسسة لاتتمتع بالشخصية المدنيّة ( جامع اللخمي وليس باسم جمعية )، رغم انّ تراكمات هيّأت للترتيب لاستهداف الرجل قبل الآن بكثير.
المعركة هي في جانب منها معركة على المساجد والأئمة فخارطة الطريق قد نصّت على ذلك تحت مسمّى "تحييد المساجد" أي تقنين تهميش المسجد والإمام الذي من مهامه تأطير الحياة اليومية للناس ،وهو يجعل دورهما وفقا للتهميش مختزلا في تأمين هامش من العبادات ، بما يتم إفراغ المسجد من دوره الروحي والاجتماعي المفترض له في سياق اجتماعي متحوّل على نحو مرعب ..فعلى كاهل الإمام صاحب الوعي والثقافة الدينية "الواسعة والحيّة اضافة الى دوره الروحي ، مهمة الاضطلاع بالتفاعل مع ديناميكية التغيرات الاجتماعية والعمل على تكييف مقتضيات الدين معها ، دون الانزلاق في التحريك الايديولوجي أوالتحريض على العنف والعصيان .والفتنة .
لكنّها في قضية الشيخ الجوادي تحديدا هي معركة اجتثاث بقايا ثوّار احتفظوا لهم بالقدرة على مقارعة ما يمسّ بمسار الثورة ومسار الحريات والحقوق.
لم يُنس للامام الشاب الجوادي انّه كان (ولا يزال ) "الدينامو الثوري " لصفاقس العصيّة على الترويض ..ولم يُسه عن قدرته الباهرة على التعبئة الجماهيرية وتفوير الشارع متى استدعت اللحظة..خبروا ذلك في كسر صفاقس لخاصرة التجمع في 12 جانفي 2011 ، وأثناء تصدّيها الكاسح للبلطجة النقابية التي مارستها القيادات المشبوهة للاتحاد في 2 اوت و26 اكتوبر 2013 وإفشال اختراقات الباجي.في انتخابات ديسمبر 2014 …كانت صفاقس عصيّة على التركيع ما بعد الثورة بفضل تصدّر هذا الرمز وزملائه وعدد من الاحرار من الناشطين السياسيّين والحقوقيّين لصفوف جماهيرصفاقس التي تأبى الاحتواء.
سعيدة لحرية الشيخ الجوادي ولكسب جولة أخرى في مسار طويل موحش، دون استطراد اختلافي معه (بل انّي اللحظة لا اختلف معه مطلقا) فالاستطراد في مثل هذه السياقات كريه ويفسد بداهة الولاء لعدالة القضية دون الولاء للاشخاص وافكارهم …وساكون أسعد بانتصار كل مدوّن ومربّي ومبدع معتقل على سجّانيه ..أعداء الحريّة…
طوبى لمن يقاوم..