اضطررت أخيرا لمتابعة فيديو "المدعو ثامر بديدة" في عركة الحمام ونشر الغسيل الوسخ بينه وبين المحيطين بالسيد الرئيس، وهو "هبوط إضطراري" من محترف إعلام إلى مخاطر الدرك الأسفل من النميمة العمومية و"المحادفة بالحجارة" بين الجماعة في ظل غياب الاتصال العمومي بكل معانيه، عموما، ثمة حكمة تونسية تفترض أن من يعمل طاحونة أو انقلاب أو تصحيح مسار أن يعمل لها جلاجل، أي أن يعد خطة إعلامية لكي يقول للناس ما يريد أن يفعل بهم، عموما أيضا: الله لا يرد فأس على هراوة، لكن:
من حيث المبدأ، أولا: نحن نستحق ما يحدث لنا من طلامس وشعوذة إعلامية وعمل رديء وتفشي الشعبوية والحقارة، نخبا وأحزابا ومنظمات، حين ضيعنا الإعلام الحرفي، وراهن أغلبنا على الزنوس لتثمين خسائر الآخرين "لكي يخلو لكم وجه أبيكم" وتفوزوا بالسلطة التي فشلتم في الفوز بها بصناديق الاقتراع،
ثانيا: النهضة تستحق ما حدث لها بقطع النظر عن أخطائها السياسية، لأنها فرطت في الحزم والحكم الرشيد في وقته وعولت على الفاسدين والأغبياء في الإعلام بدل إصلاحه،
ثالثا: لولا عراك اللصوص وفيديوهات النميمة لما عرفنا الحقائق القذرة وهذه نتيجة كارثية لعدم وجود إعلام حرفي يقوم بدوره في حراسة الحقيقة والبحث عنها،
رابعا: ما أسوأ أن لا تجد برنامجا إعلاميا واحدا يستحق أن تجلس أمامه في آخر النهار، يحاول أن يعطي معنى لما يحدث لنا، فتجد نفسك تشاهد برامج الهوش والنمال هربا من الأحناك الإعلامية المعوجة المتخمة بشراء الذمم موائد أكل الميتة، تفقد آخر مشاعر الاحترام والحماس وأنت تشاهد نشرة الأخبار العمومية التي عادت إلى أساليب الثمانيات رغم وجود أكفأ الصحفيين على ذمتها، شيء يدعو إلى الخجل مقارنة بآخر موجز لإحدى الإذاعات الخاصة،
لقد درسنا الصحافة وأعطيناها عمرا، راكمنا تجارب جعلت من الكثير منا قادة إعلام حرفي في الشرق والغرب ومرضنا بإعلامنا السخيف، حتى عدنا إلى "أكل الميتة الإعلامية" في فيديو المدعو ثامر بديدة وهو يكشف ما يقال علنا في المقاهي والخمارات، على رأي السيد الرئيس، الذي يبدو أن أكثر ما يكرهه هم الصحفيون الأحرار الذين يطرحون الأسئلة التي يجب أن تطرح، ومنها: ما علاقتك بثامر بديدة؟ هل كنت تملك خطة حكم حقيقية حين أرسلت الجيش لإغلاق مجلس النواب واحتكار كل السلط؟ ماذا تنوي بنا سيدي الرئيس؟