وكما هي عادتها في كل مرّة، تنحاز هنيّة لوجهة نظر نعيمة، الله لا تربّحها، وترميني بشلاكتها البلاستيك بوصبع، وهي تدعو أولياء الله الصالحين أن يعرقبوني باش يرتّحوها منّي فرد مرّة!
والحقيقة أن الذي كان يثير خيالي، واستغرابي أكثر: صورة الطفل الذي ينهض من فراش وثير نظيف، ويعامله أبوه معاملة رقيقة لطيفة إلى درجة أنه يُصبّح عليه بل ويقول له يا ولدي!
فقد كنت أتسلّل بهدوء من الفراش بعد أن أطمئن أن الجميع قد خلدوا إلى نوم عميق، فأقصد "النوّالة"* المحاذية للمنزل، فأشعل شمعة خبأتها هناك، وأنتهي من قصتي المشوقة ثم أتسلل من جديد لفراشنا الجماعي!
كانت طيبتي التي تجاوزت حد المعقول مصدر قلق وانزعاج وتوتر كبير للوالدة رحمها الله، وكانت سببا في خوفها الدائم علي، وسعيها الدؤوب لحمايتي من الناس والمجتمع!
فلقد كانت مُحصنة ضد الحزن والإحباط وتمتلك قدرة عجيبة على مقارعة الخُطوب، وكانت تمتلك حنجرة نادرة، فكانت نجمة أعراس وأفراح القرية، تصدح بالغناء فتزلزل المكان، وتشنف الأسماع وتسحر الألباب، وكانت أغانيها البدوية "الكافيّة" الشهيرة تستهويني حد الفتنة
Les Semeurs.tn الزُّرّاع