وأخيرا وبعد طول تردد، حزمت أمري! وسأبحث لي عن مسجد آخر أصلي فيه الجمعة، فقد ابتلانا الله بإمام، غريب عجيب لم يُر مثله في الشرق أو الغرب!!
سيدي الشيخ، إمام مولع أشد الولع بما يُروى في كتب التاريخ من أفعال خارقة منسوبة لبعض الصحابة أو التابعين أو الصالحين، وهو يحرص في كل خطبه أن يسرد على مسامعنا لمدة ساعة الاّ ربع إحدى المآثر، ثم يستخلص منها العبر الضرورية، وهو لا يكف عن التهليل والصراخ :"الله أكبر، ها هوما الرجال، هذوما المسلمين بالحق!!" مما يشعرني شخصيا بأن مصيري جهنم وبئس المصير لا محالة، فأين أنا مما كان يصبر عليه أو يفعله أو يجود به هؤلاء الاخيار؟
وسيدي الشيخ مولع بالخصوص بقصة ذلك الشاب الفقير الذي قيل إن الرسول الأعظم صلوات الله عليه لاحظ تقواه وتفانيه في الصلاة وحضوره الدائم للمسجد فدعاه وسأله إن كان متزوجا ولما أجابه الشاب بالنفي مبررا ذلك بضيق ذات اليد، دعا أصحابه إلى مساعدته، فاقتنوا له بيتا وزوّجوه، لكن صاحبنا عندما دخل على زوجته ورأى جمالها والفراش الوثير المعدّ لهما والطعام الطيب والمصباح....... أقبل على الصلاة بدون انقطاع حتى الفجر!! ليغدو إلى صلاته وعمله!! وتكرر الأمر عدة أيام، الصلاة ولا شيء غير الصلاة!! وتشاء الاقدار أن يموت العريس بعد أسبوع ليسأل الصحابة زوجته عن زوجها فتقسم أنه لم يمسسها، وأنها عندما سألته عن السبب قال لها: لقد عشت الضنك والفقر والحاجة وعندما دخلت عليك ليلة الزواج، رأيت عروسا شابة وفراشا وثيرا وطعاما طيبا، فلم يكن بد أن أشكر الله على نعمه من خلال الصلاة!!
هنا يتهدج صوت سيدي الشيخ، وتخنقه العبرات: ويصرخ فينا: "خلّى عروسو قدامو ومشى يصلي، باش يشكر ربي على خيرو!! هاي الرجال هاو الناس اللي يقدرو النعمة، هاو الإسلام بالحق"، قبل أن يُردف: " أشكون توّة مازال يعمل كيف صاحب القصة؟ ضاع الإسلام وتهدمت أركانه"!!
وقد كرر علينا سيدي الشيخ هذه القصة ثلاث مرات في ستة أشهر!!
وقد استغل عم علي اللبان فرصة خروج الامام من المسجد ليسأله بصوته الجهوري: "سيدي الشيخ، بالله إنت شكرت ربي ليلة عرسك؟".. مما أثار موجة عارمة من الضحك..