هذه عشر سنوات يوما بيوم، منذ قرّر عمكم الجوادي، قدّس الله سرّه أن يغيّر نمط حياته وأسلوب عيشه ليدخل بعض الديناميكية والحيوية على أيامه المضمخة بالروتين القاتل..
كل ليلة أعد نفسي بأن أتغير في اليوم الموالي، وأن أبدأ في ممارسة الرياضة في جبل النحلي القريب، وأن أشرب قهوتي الصباحية على البحر، وأن أقتني سيارة جديدة، وأن أتعشى كل نهاية أسبوع في مطعم فاخر، وأن أتخلى عن الخوف المرضي من الغد، والخوف على الأولاد، والخوف من اللاشيء!
كل مرّة أحزم أمري وأجزم أمام نفسي أن يوم الغد سيكون يوما مختلفا!
ويأتي اليوم الموالي دون أن يتغير شيء..
نفس السيارة
نفس الزوجة
نفس الكولاج
نفس الاصدقاء
نفس الدروس
نفس المقهى تقريبا
نفس القضايا.. في كلمة " اللي نبات عليه نصبح عليه"..
ولهذا قرر عمكم الجوادي، أن يغير حياته بالتدريج، عوض المغامرة بتغيير كل شيء دفعة واحدة! ولست أدري بماذا أبدأ؟
السيارة أم الزوجة أم نمط الحياة،أم ماذا؟
(بعد أيّام)
تنفيذا لقراراته الملكية بأن يغير نمط حياته، وأسلوب تفاعله مع أيامه ولياليه، استيقظ عمكم الجوادي باكرا، وارتدى زيا رياضيا كاملا وامتطى دراجته النارية الجديدة واتجه إلى منتزه النحلي ليمارس رياضة الجري!
طبعا وضعت سماعتي الهاتف في أذنيّ الشريفتين ورحت أتشرب أغاني فيروز بكل حواسي، وبعد أن أكملت دورتين مُتّبعا المسار المحدد لممارسي رياضة الجري في منتزه النحلي، عدت لبيتي فرحا مسرورا، لأجد المدام ترغي وتزبد غاضبة تكاد تتميز غيظا وحنقا:
- آخي ما نسيت شيء بادرتني؟
- إن شاء الله خير أجبتها، واش ثمة؟
-آخي نسيت اللي بنتك تقرأ الثمانية؟ ونسيت اللي ولدك يلزمك تهزو للستاج، ونسيت اللي أنا يلزمك تهزني للمندوبية، ونسيت انو " التابلات" متاع بنتك يلزمك ترجعها للضمان؟
هنا تدخلت جارتنا التي كانت تتابع الحوار من فوق سطح منزلها:
- خويا الطيب انجم نقول كلمة؟
- تفضلي.. أجبتها يائسا
- والله أختي فاطمة عندها الحق، توة بالله عمرك متاع موتور وجري، وخيط تليفون في وذنيك، ظاهرلي بصراحة، ما عادش يطلع عليك!
هزّت جملتها الأخيرة دماغي الملكي بعنف!
" ما يطلعش علي، وموش عمري، وعندي واجبات أهمّ"..
طبعا كما فهمتم جميعا، سأعود لروتيني اليومي ابتداء من الغد، ولا حول ولا قوة إلا بالله!