منذ 2013 وإلى سنة 2019 ، لم يمر علي شهر أو أسبوع دون مهاتفة أو الإلتقاء بالأستاذ قيس سعيد . كنت أستشيره وأستخيره في كل المستجدات التشريعية ، وأستفتيه في كل الإشكالات الدستورية والقانونية المسيسة من طرف النخب " المدنسة " .
كانت تعجبني مواقفه الصريحة التي لا ترجو إرضاء طرف ولا تخاف تشويه أو تسفيه " الميليشيات القبيحة " ، ومن ذلك رفضه لقانون الإرهاب وتنديده المستمر بإعلان حالة الطوارئ رغم الأوضاع الأمنية والهجمات الإرهابية .
وموقفه من قوانين المصالح مع الفساد ، وإجراءات منع التنقل وهرسلة العباد ، بل إن قيس سعيد كان رجل القانون -الوحيد- تقريبا الذي إمتلك شجاعة معارضة تصنيف أنصار الشريعة كتنظيم إرهابي واعتباره تصنيفا سياسيا مخالفا للقانون ومنتهكا لسلطة القضاء !!
ولهذه الأسباب - وغيرها - كنت من بين القلة القليلة التي أعلنت دعمها لإنتخابه منذ الدور الأول ، وهو دعم لم أجرؤ على إعلانه مع أي مترشح- حزبي أو مستقل - في أي إنتخابات تشريعية، رئاسية أو بلدية منذ سنة 2011 .
كنت أرجو - وبالنظر إلى الصلاحيات الرئاسية - إلى وصول رجل من خارج منظومة التكتيك والتمكميك، يمتلك شجاعة تطبيق القانون وحماية الدستور ، بعيدا على الحسابات والعقابات التي تفرضها مناصب الإغراء ومطالب الغوغاء ، التي تقودها أغلبية برلمانية كانت وستظل فاسدة.
لكن للأسف ، وبمجرد تربعه على العرش ، تحول قيس سعيد إلى " بطيخ القانون الدستوري " يفتي بكل قباحة ، ويحلل ما حرمه على غيره بكل وقاحة ، فأكل الدستور و " كبلو سعدو " تحت أنغام بندير وهتافات تبرير ، جيش " دولة القانون والمؤسسات " ،الذين يرون في خرقها وحرقها واجبا وطنيا وديمقراطيا لإنقاذها من خيانات " الغرف المظلمة " .
* مروان جدّة: المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات