يشهد الدّ خصوم الرئيس أن ما قام به من تعيين امرأة في منصب رئيسة للحكومة هي خطوة اتصالية سيكون لها ارتدادات ايجابيّة في الداخل والخارج، وهي دليل على الذكاء التكتيكي للرئيس خاصّة بعد ما اردفها باتصال هاتفي مع المستشارة الألمانية المتخلية أنجيلا ميركل، غير ان هذا الربط بين السيّدتين لا مبرّر له.
السيدة نجلاء بودن رئيسة الحكومة المعيّنة لن تضبط سياسات الحكومة اذا ما عدنا الى الأمر الرئاسي عدد 117، ولن يتسنّى لها تعيين فريق حكوميّ بكلّ استقلالية ولن تكون مسؤولة أمام الشعب ولا البرلمان، هكذا أراد "اب الشعب"، الرئيس الذي يعلم اين تكمن مصلحتنا، نساء كنا أم رجالا.
بعيدا عن نقاشات الشرعية والمشروعية التي أمعن الرئيس في طرحها منذ سنتين والتي سقطت فيها النخبة في ردة فعل "قانونجيّة"، اودّ ان اتمنى التوفيق لرئيسة الحكومة المعيّنة.
شخصيّا لا اعرفها ولا أعلم عنها الكثير، شأني في ذلك شأن عموم التونسيات والتونسيين وأرجو ألا تكون تكرارا للخطئ الذي اقترفه قيس سعيد عند تعيين المشيشي.
أتمنى كذلك أن تسيّر تونس امرأة (أو رجل) شقّت طريقها إلى المسؤولية بالنضال السياسي والتعبير عن أفكارها والدفاع عن قناعاتها والنضال وفقا للمبادئ التي تؤمن بها، كما أرجو أن تشكل حكومتها وفق قناعاتها وبرنامجها في استقلالية ولو جزئيّة أن تمارس صلاحياتها وفق الدستور الذي تمّ الغاء جزء كبير منه، أن تكون مسؤولة أمام الشعب لا تحت وصاية الأب الذي يعبّر عن ارادة الشعب "الهلاميّة".
لم يكتشف الشعب الألماني أنجيلا ميركل صدفة ولا منةً من رئيس، اختارها الشعب الألماني وتدرّجت في المسؤوليات حيث كانت وزيرة ثم رئيسة حزب على أساس برنامج، وناضلت المستشارة الألمانية كل يوم لتنجز وتجدد أفكارها وفريقها ولتحافظ على ثقة شعبها على امتداد 16 سنة.
أتمنى أن تنبت هذه الأرض نباتا طيّبا من نساء ورجال خيّرات واخيار، يسيروننا ما رضينا عن أدائهم ويحترمون قرارنا إذا سحبنا منهم الثقة. أتمنى أن تنبت هذه الأرض برامجا مثمرة لا قشورا متهافتة ووعودا زائفة وسياسة جوفاء.