يا سيدي الرئيس
لماذا كل هذا التردد والوقت المهدور لأكثر من نصف عام وقبل سنتين من نهاية عهدتك ؟ أنهي فصل الجمهورية الحزين ! انت لا تحتاج دستور ،ولا أبواب دستور ،ولا توزيع السلط ،ولا قوانين ولا قضاة ولا مؤسسات وهيئات مستقلة ،ولا نقابات ولا جمعيات ولا احزاب ولا مستثمرين ولا تحتاج الاعياد الوطنية ولا تحتاج الى مستساغين كما لا تحتاج الى حكومة الشعب انت وانت الشعب انت تحتاج الى دبابة وصاروخ ومنصة لتصيب أعماق أعماق الوطن، ادعوك يا سيدي ان تسمح بالموت الرحيم للجمهورية وتنهي انتظارنا في غرفة انعاش ما بقى منها، واعلان دولة الشعب يريد !
بعد اعلان حل المجلس الاعلى للقضاء انتهى دستور 2014 وعلق الباب الأول والثاني من الدستور ،واصبحت السلط كلها بما في ذلك القضائية تحت سلطة الرئيس مباشرة وما سيترتب عن ذلك من انهيار لكامل المنظومة القانونية والأمان القانوني في اجهزة الدولة .
هذا المجلس لم يقبلوا بتركيزه منذ البداية فهو جسم غريب مبتور ، وجاء بعد أربع سنوات من اغتيال شكري بلعيد وبعد ثلاث سنوات من سن الدستور في 2014 وبعد صراع طويل الاعتراف بسلطة القضاء من خلاله _بقطع النظر عن التقييم _ ولم يقع احداث تفقدية شؤون القضاة المسؤولة عن مساءلة القضاة الفاسدين ومحاسبتهم بالملفات (التي تبقى اليوم بيد السلطة التنفيذية الى هذا التاريخ ) ولم يقع سن قانون أساسي للقضاة وظل قانون 1967المتحكم في أسناد الوظائف السامية القضاة ليقع القطع مع الماضي واستهداف المجلس اليوم في ذكرى اغتيال شكري بلعيد أنما هو استهداف لنواة يمكن البناء معها وبواسطتها لقضاء مستقل نزيه خارج حسابات الانظمة .
حل المجلس الاعلى للقضاء ليس لأنه لم يقم بوظيفته أو لفساد اعضائه وليس لكشف حقيقة اغتيال الشهيد الرمز شكري بلعيد في 6 فيفري والربط مريب لطمس التاريخ بعملية حل المجلس الاعلى للقضاء، تذكروا ذلك جيدا! وانما الهدف الأساسي هو ضرب لمبدا استقلال القضاء كسلطة، تكشف الحقيقة وتحاسب الضالعين في الفساد والاغتيالات، وعبر تاريخنا فان اغلب الانظمة قبل الثورة وبعدها و على اختلافها ،تعتبر ان القضاء،وظيفة ولا يمكن ان يكون سلطة .
القضاة الذي يعرضون خدماتهم لكل نظام يأتي دون اعتبار لوظيفتهم ودون اعتبار لنزاهتهم فهم بالأمس قضاة بن علي يخدمونه ومن بعد ذلك قضاة النهضة والترويكا والنداء والتجمع يخدمونهم ويقدمون لهم الولاء من أجل وظيفة أو منصب ومن بعد ذلك يتحول البعض منهم الى قضاة قيس سعيد يطبلون لخيارات لا يؤمنون بها أصلاً فالخاتمة مزبلة التاريخ !
مع ايماني ان أصلاح القضاء ضروري في هذه المرحلة لمجابهة العصابة بغير ادوات التدمير ويتحمل المسؤولية في إدارة هذه المرحلة من تاريخ تونس
يبقى تاريخ 6فيفري يوما وطنيا ورمز للأجيال القادمة ولأحرار تونس للنضال المدني السلمي الواسع ولن يغطي عليه اعلان حل مجلس القضاء أو حل برلمان باستغلال نفس التاريخ اغتيالا اخر ليوم مشهود من أجل الحقيقة ومحاسبة المجرمين .
كم من وقت مهدور من أجل رغبات مجنونة منذ أن سقط النظام 2011 والى اليوم سعي محموم للسلطة مع تغيير العناوين والادوات والممثلين في سوق الشعبوية فقط تحتاج الى صفحات لتصبح بطلا قوميا ونفس الصفحات تحولك الى خائنا وعميلا ٫لقد استفادت وسائل التواصل الاجتماعي من زيفنا ووعينا الهش القطيعي،البائس!
قد نحرق كل الحقول ونهدم كل اسقف البيوت لأجل وهم وزيف مقنع بان الطريق الذي اختاروها لنا طريق تنبت على جوانبه الازهار !