تدخًل الشرطة السويدية في مبنى السفارة التونسية بستوكهولم عاصمة السويد و ذلك ،حسب الروايات المتداولة، بطلب من مسؤولي السفارة لغاية فضً نزاع داخلي مع عون دبلوماسي تونسي لا يعدو أن يكون طعنة للسيادة التونسية و سمعة بلادنا و وصمة عار للدبلوماسية التونسية.
إذا صحًت هذه الرواية و في دولة تحترم نفسها يجب محاسبة كل من تورط في هذا الدوس على السيادة التونسية و من طلب تدخل الشرطة السويدية لفض خلاف داخلي تونسي تونسي و من اعطى الاوامر من تونس إذا تمً ذلك.
اذا تم غض الطرف أو التستًر على هذه الفضيحة ان صحً الخبر فسنكون حقيقة دولة الموز او اتعس من ذلك ولا فائدة في انفاق اموال طائلة على سفارات ينتهي بها الأمر بفضح أحوالنا المزرية و قياداتنا الفاشلة في حل الخلافات الداخلية دون تدخل اجنبي.
تواترت خلال السنوات الاخيرة القرارات و الخيارات الدبلوماسية التي لم تخدم مصالح و صورة تونس على الساحة الدولية وفي المنظمات الاقليمية والدولية بما في ذلك ما شاب عضوية تونس غير القارة في مجلس الأمن الدولي ولعلً حادثة ستوكهولم ،اذا صحًت الرواية المتداولة، قفزة نوعية في الانحدار و التقهقر و تبديد ما تبقى من بريق الدبلوماسية التونسية الذي راكمته منذ استقلال البلاد و أخذ منحى تنازليا منذ ثورة الحرية والكرامة.
بخصوص تدخل الشرطة السويدية في مقر سفارة تونس بستوكهولم، افادني مواطن تونسي مقيم منذ عقود بالسويد و شغل سابقا خطة ممثل جامعة الدول العربية لدى مملكة السويد و دول شمال اوروبا و استاذ جامعي بالسويد و هو حاليا مترجم محلًف بالسويد، بالتحليل الاتي اسوقه اليكم حرفيًا:
البداية :
أذهلتني الأنباء المتداولة بين الجالية التونسية في السويد حول مداهمة الشرطة السويدية لسفارتنا في ستوكهولم يوم الاثنين 22 اوت الماضي للمساعدة في طرد دبلوماسية تونسية تم إعفاء مهامها من مقرّ السفارة. وخلفية الموضوع هو أنّ خلاف إداري طويل قد شبّ منذ زمن بين السكرتيرة الاولى المسؤولة عن الشؤون القنصلية بالسفارة من جهة بوين رئيس البعثة السفير التونسي من جهة اخرى انتهى بصدور قرار بإنهاء مهام القنصلة وطردها من مقر السفارة. ويبدو انه اثر رفض الموظفة الدبلوماسية الامتثال لهذا القرار الذي اعتبرته قرارا تعسفيا قامت السفارة بطلب النجدة من القوة العامة السويدية لتنفيذ هذا القرار و طرد الموظفة من مقر السفارة وهي سابقة فريدة من نوعها في تاريخ السفارات الأجنبية المقيمة في السويد.
ودعنا في البداية نترك جانبا موضوع الخلاف الإداري بالسفارة ومدى قانونية قرار إنهاء خدمة الدبلوماسية المعنية من عدمه وتداعياته، حيث انّ ذلك من اختصاص الادارة المركزية والقضاء الإداري في تونس. غير انّ ما يشدّ الإتنباه في هذا الموضوع هو الطريقة التي تمت بواسطتها معالجة المسألة وعملية تنفيذ قرار طرد الموظفة من السفارة عبر الالتجاء إلى القوة العامة السويدية بالسماح لسلطة أجنبية باقتحام مقر السفارة بطلب أحادي منها.
وإذا نظرنا لهذا الموضوع انطلاقا مما جاء في معاهدة فيينا لسنة 1961 حول العلاقات الدبلوماسية بين الدول، والتي انخرطت فيها الجمهورية التونسية منذ البداية، فإن السفارات الأجنبية المقيمة في الدول المضيفة تعتبر جزء من أراضي دولة السفارة المعنية تشملها حصانة آلية وحماية ذاتية من اي تدخل او مساس من سلطات الدولة المضيفة (يذكر كمثال لذلك موضوع حماية الصحافي اسنجي وهروبه وإقامته لسنوات بسفارة الإكوادور في لندن)، وذلك فيما عدا حدوث /خطر داهم يهدد أمن وسلامة السفارة وموظفيها/ كما جاء في نص المعاهدة.
و تطبيقا لمعاهدة فيينا فإن سفارتنا في ستوكهولم مشمولة بنفس الحصانة والحماية المنصوص عليها في هاته المعاهدة. وبالنسبة للسويد فان حادثة سفارتنا في ستوكهولم تعتبر الأولى والوحيدة من نوعها، اي حادثة طلب سفارة دولة أجنبية المساعدة من القوة العامة، وذلك باستثناء عملية مداهمة الشرطة السويدية السفارة اليوغسلافية في ستوكهولم اثر عملية استيلاء منظمة اوستاشا الكرواتية على السفارة سنة 1971 واغتيال السفير اليوغسلافي آنذاك، وهو ما اعتبرته الشرطة السويدية خطر داهم يكان هدد أمن وسلامة السفارة وموظفيها.
والاسئلة التي تطرح نفسها الآن في هذا الموضوع هي: (1) هل صدر قرار الالتجاء إلى القوة العامة السويدية لإجبار الموظفة بمغادرة السفارة من الإدارة المركزية (اي وزارة الخارجية في تونس) أم محليا من السفارة نفسها؟ و (2) من هو بالتحديد الموظف الدبلوماسي بالسفارة الذي قام باتخاذ هذا القرار خرقا لنصوص معاهدة فيينا حول الحصانة الدبلوماسية للسفارة.
وفي اعتقادي الشخصي، وحسبما تم استقاؤها من اخصائيين دبلوماسيين، فإن عدم امتثال موظفة بالسفارة لقرار انهاء الخدمة ورفضها لمغادرة مقر السفارة لا يرقى إلى مستوى الخطر الداهم الذي نصت عليه معاهدة فيينا. وحسب نفس المصادر فقد كان من الممكن حل النزاع الداخلي بالسفارة بأية طرق أخرى وتجنب تدخل القوة العامة داخل السفارة والاعتداء بذلك على حرمة السفارة كجزء من الدولة.
وفي انتظار ما سوف يتبيّن من نتيجة للإجراءات الادارية التي قد تقرر الإدارة المركزية اتخاذها في هذا المجال، ومهما كان من الامور الاخرى التابعة لهذا الموضوع، فإن ما حدث بسفارتنا في ستوكهولم هذا الاسبوع لا يساعد البتة على إيقاف تلاشي سمعة تونس وانحدارها في السويد وهو يرمي ايضا بالمزيد من الحيرة والارتباك بين الجالية التونسية المقيمة في السويد.
النهاية