ما يحدث اليوم لعديد القضاة الشرفاء هو محاولة تركيع كل قاض يظنون أنه لن يدخل بيت طاعة النظام الحالي، ولا ينكر هذا الأمر إلا مختل لا عقل له.. ولا علاقة لما يحدث بمكافحة الفساد، ومن المنطقي ان يبحث النظام عن مصطلحات رنانة لشرعنه نشاطه واستبلاه الشعب..
لماذا القضاة ولماذا القضاء بالذات!!!!؟؟؟ مشكلته ليست مع القضاة في حد ذاتهم بصفة مباشرة، بل يعتبر القضاة خط الدفاع الاخير أمام استبداد الجاهل وظلمه، يعلم ان القضاء مهما حاد عن الخط فإن له ضمير لن يموت لأنه الجسم الاكثر وعي وتعلم وايمانا بالحق.. القضاة اليوم في ساحة حرب حقيقية منهم من قضى نحبه بالعزل والتنكيل ومنهم من ينتظر ومنهم من سار مع التيار كرها ولضعف في نفسه خوفا من الامواج العارمة"عندي صغار نربي فيهم".. ومنهم من اختار طريق الظلم وهم قلة شاذة وانا متأكد من ذلك.. قيس سعيد ما هو إلا رجل متعطش للبروز بأي طريقة وهو خفيف العقل وعديم التكوين السياسي والسلوكي، واليوم يريد البروز الشخصي له وما كلامه إلا ذر رماد على العيون..
اليوم لا احد ينكر ان البلاد في تراجع خطير في جميع المجالات ولعل العدل اولهم وهو الأخطر وبسقوطه تسقط الدولة والمجتمع. قيس سعيد ما هو إلا بيدق لا يعي إلى الآن من يحركه، وهو يعتقد أنه يتحرك بإرادته في حين أنه لا ارادة له غير بعض السلوكيات الشخصية الفاضحة لحبه للبروز. والواقع ان منظومة الاستبداد التي بقيت خامدة طيلة عشر سنوات إلي ان مرت العاصفة الثورية استفاقت اليوم ونشطت مستغلة تعطش قيس سعيد للسلطة..
هو يعلم (أو هم يعلمون) انه اذا سقط القضاء تحولت كل القوانين إلي الة قمع وظلم عبر تأويلات ظالمة وتفسيرات خاطئة للنصوص القانونية التي تصل إلي القاضي عبر الهاتف وما عليه إلا القراءة والتنفيذ.. ان المعركة اكبر من الموز، والزيت، والخبز، والارز.. هذا ان توفروا اصلا.. المعركة هي تحضير لما سيكون عليه المجتمع بعد 5 سنوات.. إما عدل وبناء أو ظلم وبطش وقهر وتنكيل ولن يقبل هذا إلا عديم الشرف والرجولة.. لا ألوم المطبلين له اليوم، لانهم-بقصر بصيرتهم- يعتقدون ان فيه خير.. بل ألوم الصامتين جبنا وخوفا والراضين بقدر وطن يسير نحو الهاوية..
ستكون الة القمع اشد بطشا من الة بن علي لأنها استوعبت الدرس طيلة عشر سنوات وعرفت مكمن ضعفها وتداركته.. السنوات القادمة صدقا لن تكون فسحة مجانية للكل للمطبل و"المزمر" والصامت والراضي.. ستكون حرب القوي على الضعيف.. والقوي ليس ذاك المطبل الذي يلمع صورة السلطة اليوم معتقدا أن تزميره سينجيه أو ان رضاها عنه سيستمر..غبي من يعتقد ذلك.. بل القوي هو ذاك الزاحف في صمت ولا يعلمه احد الذي يملك اسباب القوة لبقاء نظام معين اما الاخرين فقريبا ستنتهي صلاحية تطبيلهم وستفقد "زمارتهم" صدى صوتها وسيعودون إلي المقاهي يستجدون رغيف خبز مغموس بالذل..
ألوم كل الاحزاب الوطنية"الصادقة" عن كل ما وصلت اليه البلاد حين فرطوا في هيبة القانون ولم يستعملوا ادوات الدولة لحماية الدولة وحجتهم في ذلك "الحرية".. اقول لهم لقد بالغتم في الحرية ولم تستعملوا القوة الشرعية لبسط العدل فجاء من استعملها لفرض الظلم ونسف العدل.
طيلة عشر سنوات صرت اعلم جيدا ما يدور داخل المراكز والمحاكم.. وصرت اعلم من اين يقام العدل واين يسقط الظلم.. صرت اعلم كيف تتكون الملفات وكيف يتكلم القاضي وكيف يبحث الأمني.
اعلمكم أن عدة كوادر امنية عزلت هذه الأيام واشهد الله والقانون فيهم انهم اهلا للحق.. وعدة قضاة من الذين عزلوا في قائمة العار اشهد الله فيهم من خلال معرفتي بهم -لا السماع عنهم- انهم اهلا للعدل والنزاهة والكفاءة..
بربكم يا اهل القصرين هل القاضية رمضانة الرحالي فاسدة واتحدى احدا ان يأتيني عنها بموقف ظلم!!! هل مراد المسعودي فاسد!!!! هل حمادي الرحماني فاسد!!!!!!! وغيرهم الكثير مما يشهد لهم بالنزاهة والعدل والاجتهاد..
لما انتهي من اسكات صوت القاضي، نراه اليوم يريد اقتلاع لسان المحاماة وهي قلعة الدفاع الشرعية عن احترام القانون..
ان لم ننقذ وطننا وانفسنا من هذا الظالم فلا وطنا سيبقى لنا ولا أنفاس حرة سنتنفسها.. اما أولئك الذين همهم بطونهم فالأمر لا يهمكم الان حتى ينقطع عنكم العلف عندها ستخرجون من طلقاء انفسكم تجلدون ظهوركم..
تضامني التام مع كل قاض شريف عزل ظلما.. وكل أمني صادق عزل قهرا.. وكل مظلوم كيلت له التهم زورا..
اصبروا وكافحوا الباطل بقول الحق.. إن الله معكم..