عرفت البلاد التونسية منذ القدم بضعف مواردها المائية التقليدية سواء منها السطحية أو الباطنية ، حيث تمّ جلب مياه الشّرب للحاضرة من مدينة زغوان في عهد عليسة وقرطاج وتمّ اقتسام مياه الريّ بصفة دقيقة وشبه عادلة في واحات الجنوب التونسي من طرف العلّامة ابن شباط.
ولئن اختلف الزمان فلا تزال البلاد تعاني من شحّ المياه حتّى بعدما تمّ إنجاز عديد المنشآت المائية بمختلف أنواعها مثل السدود ومنشآت التحويل وكذلك الآبار العميقة ذات الدفق المرتفع.
بعض الأرقام عن الموارد المائية ببلادنا:
تقدر الموارد المائية المعبأة والممكن استغلالها بحوالي 4.8 مليار م3 في السنة منها 2.7 مليار م3 مياه سطحية و2.1 مليار م3 مياه باطنية أو جوفية.
وتقدر الاستعمالات الحالية، كالآتي:
1- القطاع الفلاحي المروي 74% ما يعادل 2782 مليون م3 .
2- مياه الشرب (حضري وريفي) 23% ما يعادل 856 مليون م3 .
3- القطاع الصناعي 2% ما يعادل 66 مليون م3.
4- القطاع السياحي والفندقة 33 مليون م3 حوالي 1% لاغير.
* قطاع المياه.
- شهدت البلاد التونسية نموا ديمغرافيا وتطورا وتنوعا اقتصاديا تطلب كثرة وزيادة الطلب على المياه.
- غياب الترشيد في الاستهلاك وسوء التصرف أحيانا.
- تصنف تونس حاليا ضمن 33 دولة في العالم منها 16 دولة عربية تعاني أو التي ستعاني من ندرة المياه أو مثلما يعبر عنه الخبراء " الشح المائي".
وتعتبر الإشكاليات الحالية عديدة ومتنوعة ومن أسبابها نذكر ما يلي :
1- ضعف إيرادات السدود خلال السنوات الأخيرة حيث تقلصت بنسبة 43% مقارنة بالمعدلات السنوية .
2- ارتفاع درجات الحرارة خلال العشرية الأخيرة جراء تغير المناخ الذي أثر سلبا على منسوب السدود ، إذ لاحظنا تبخرا كبيرا وضياعا ملحوظا على مستوى شبكات التوزيع.
وإذ تعتبر بلدان شمال افريقيا والشرق الأوسط هي الأكثر تأثرا بانعكاسات تغير المناخ حيث بات من المؤكد التفكير بجدية لإيجاد الحلول الممكنة والجدية ومنها :
-التحسيس على جميع المستويات بندرة المياه ، اعلام ومجتمع مدني ومنظمات دولية ووطنية وسلطة محلية وجهوية ومركزية.
-تنوع مصادر المياه والمرور بسلاسة الى استعمال كل الموارد المتاحة بكل حكمة وتبصر، إذ لابد من العمل على تطور تقنيات تحلية المياه الجوفية المالحة وكذلك العمل على حسن استعمال الجوفية والباطنية والحفاظ عليها من التلوث والاستنزاف أو الاستعمال المفرط.
-الابتكار والتجديد في تقنيات الاستعمال الحديثة خاصة تقنيات الري بجميع أنواعها.
-دفع سقف الاستثمارات أو الاعتمادات المرصودة لهذا القطاع الهام سواء لإنجاز مشاريع جديدة أو لتعصير المنشآت الموجودة وإعادة تهيئتها للحد من الضياع والاستعمال الرشيد.
- التخوفات الكبرى لقطاع المياه بصفة عامة.
الاستغلال المفرط والغير مسؤول للمياه الجوفية وخاصة العدد المشط للحفريات العشوائية والذي لازال في ارتفاع من سنة الى أخرى ( 20000 حفرية حسب احصائيات 2021).
- تغير المناخ وانعكاساته حيث سنسجل انخفاض هام من منسوب التساقطات السنوية او فيضانات وامطار غزيرة لا نجني منها فوائد كبيرة.
- الارتفاع الكبير في الطلب على المياه سواء لمياه الشرب او لمياه الري على حد السواء.
- انخفاض في قدرة المنشآت المائية على استيعاب مياه السيلان نظرا للترسبات التي تزداد من سنة الى أخرى.
- تردي نوعية المياه خاصة مياه الشرب وهذا راجع لعدة عوامل:
* اهتراء الشبكات وتقادم التجهيزات وعدم قدرتها على تلبية الطلب.
* السياسات السعرية خاصة لمياه الري والحوكمة في تسيير المنظومات المائية وهنا يمكن الإشارة الى إعادة النظر في كيفية التصرف عن طريق الجمعيات المائية.
* تحديات قطاع المياه.
يواجه قطاع المياه تحديات كبيرة في ظل تنامي الطلب والنمو الديمغرافي المطرد .
بينما تبقى المنشآت دون تطور يذكر وربما بدأت تتآكل بمرور الزمن وهو ما يتطلب التعصير وإعادة التهيئة أو التوسعة في عديد المناطق والمدن ، ومن بين هذه التحديات.
نذكر ما يلي :
تحدي 1 : حماية المياه من التلوث وخاصة المياه الجوفية الباطنية.
تحدي 2 : التصحر والانجراف مع ارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ مما قد يهدد السدود بمزيد الترسبات ، 305 مليون هك مهددة ، ترسبات حلية في حدود 600 مليون م3.
تحدي 3 : تأمين التزود بمياه الشرب في ظل ارتفاع الطلب بشكل مفزع وبدأت ظاهرة للعيان منذ أكثر من خمسة سنوات تقريبا.
تحدي 4 : الاستعمال الرشيد للمياه حفاظا على الأمن الغذائي ، وهنا القصد هو الفلاحة المروية ومعاناتها الحالية حيث لابد من الابتكار والتجديد في هذا المجال.
تحدي 5 : التصرف عند الحالات المتطرفة للمناخ ، كيفية التصرف في الموارد المائية زمن الوفرة وكذلك وقت الجفاف حيث يفرض علينا تغير المناخ التصرف بحكمة فيما بين أيدينا من موارد.
تحدي 6 : الجدوى الطاقية والطاقات المتجددة ، الطاقة تعتبر عنصرا مهما في قطاع المياه ولابد من استنباط الحلول وتسهيل استعمال الطاقات البديلة والمتجددة.