قبل خمس سنواتٍ، حيث كان الهواء مشبعاً برائحة القلق واللايقين، وقف قيس سعيد في قلب الحشد. كان صوته يلف عقول أولئك الذين يستمعون إليه، وقد خلع على نفسه صفات تمثيل الشعب، رغم أن الصوت، الذي سمعه لم يكن صوت الناس على الإطلاق. بل كان صوته، وقد تردد صداه في أذهانهم، وأعيد تشكيله ورسمه بمهارة شديدة حتى أنهم اعتقدوا أنه منهم وإليهم. لم يكن في حاجة إلى إقناعهم؛ بل كان يجعلهم يعتقدون أنهم اقتنعوا بالفعل، وأن الأفكار التي زرعها في أذهانهم كانت موجودة هناك منذ البداية، تنتظر فقط شخصاً ما ليتحدث بها بصوت عالٍ.
لم تكن براعة الرجل في التلاعب تكمن في قوة خطابه، بل في بساطته. فحين ينتهي من خطبه، كان الناس يعتقدون أنهم كانوا يؤمنون بهذه المعتقدات دوماً. وكانوا يتحدثون باقتناع عن الظلم الذي لم يلاحظوه من قبل، وعن رغبات لم يعبروا عنها قط، لكنهم الآن يشعرون بها بيقين من خلال كلماته. ومع مرور السنوات، تغيرت تونس. وأصبح الناس يتحدثون بنبرة جديدة، ويكررون كلمات سعيّد وكأنها رؤاهم الخاصة. وفي الوقت نفسه، كان سعيد يراقب من شرفته، وعيناه هادئتين، مدركاً أن عقول الناس لم تعد ملكاً لهم. لقد أصبحوا ملكاً له الآن، حتى لو لم يدركوا ذلك. وها هو يقف وحده تقريباً على أعتاب الانتخابات الرئاسية الجديدة.
لقد وصل سعيد إلى السلطة واعداً بتدمير النظام القديم، وبكثيرٍ من الرخاء والرفاهية. لقد تحدث بثقة رجل يؤمن بقدره، ويعلم أن الناس يحبونه. ولكن الآن، وهو يقف في ضوء المصباح الخافت على مكتبه، يتساءل: من يستطيع أن يثق به حقاً؟ يتحرك نحو النافذة، لينظر نحو المدينة المظلمة، وأنفاسه تملأ الزجاج، والأضواء في الأسفل تتلألأ مثل النجوم البعيدة. مليون حياة صغيرة تعهد بحمايتها، لكنها بدت الآن بعيدة المنال، وكأنها موجودة في عالم آخر تماماً.
اليوم، وبعد خمس سنواتٍ، صارت الأسطورة أقل وهجاً، في الواقع وفي النفوس. وبدا أن الزعيم، أقل اتكاءً على شغف الناس به، وأكثر استناداً لجهاز الدولة، المسلح والمدني على حد السواء، لترسيخ حكمه. وبين ذلك التاريخ، الذي صار بعيداً، واليوم، أعاد قيس سعيد تشكيل النظام السياسي جذرياً، بشكل منفردٍ. عبر الإنقلاب، الذي نفذه عام 2021، من داخل القصر، وتالياً من خلال سلسلة من التغييرات شملت: دستور جديد يمنحه صلاحياتٍ واسعة، والسيطرة على السلطة القضائية، وتوسيع مجال ونفوذ الأجهزة الأمنية، والحكم بالمراسيم الرادعة للحريات السياسية والفردية. هذا الأمر الواقع، الذي تعيشه تونس اليوم، لا يبدو فقط حصيلة سياسات واعية لإعادة إنتاج الإستبداد، ولا حصيلة تحالفٍ واضحٍ بين قيس سعيد وبيروقراطية الدولة، الحزب الأكثر نفوذاً في البلاد، دون أن يكون حزباً، ولكنها أيضاً تجلٍ للتركيبة الشخصية للرئيس التونسي. رجل يبدو نسيجاً لوحده، في طريقة التفكير وتمثل السياسة، يلقي بظلاله الشخصية على البلاد ومستقبلها.
الساحر
شأنه شأن طائفةٍ واسعةٍ من الزعماء الشعبويين، يتميز قيس سعيد بقدرته على جذب الجماهير والتواصل مع «الشعب» بطرق يكافح الساسة التقليديون لتحقيقها. مستغلاً العواطف، ينتج علاقات الولاء مع أتباعه، ويتحدى النخب الراسخة، ويقدم نفسه مخلصاً للناس من فساد الأحزاب. ربما يعود ذلك إلى نوعٍ من الكاريزما، التي تسمح له بخلق روابط عاطفية مع الناس. فلا يتعلق الأمر بالمحبة، بقدر ما يتعلق بالخيالات، التي ينسجها عن نفسه بوصفه مجسداً لإرادة الشعب. ذلك أنه دائماً يبرز إلى الناس – من خلاله خطبه – في صورة الغريب أو المنقذ، الذين يتحدى «الدولة العميقة الفاسدة».
تمتلئ خطاباته وحركات جسده بلغة مشحونة بالعواطف، تثير مشاعر الأمل أو الفخر أو الغضب، حسب كل سياقٍ يكون فيه. لذلك فإن هذه الكاريزما المفترضة، تستغل حاجة نفسية عميقة لدى الجمهور إلى الانتماء والأمن. وفي أوقات عدم اليقين، قد ينجذب الأتباع إلى رؤية الزعيم لمستقبل أفضل أو وعده بحمايتهم من التهديدات الخارجية، حتى لو كانت سياساته غامضة أو غير متسقة. مما يخلق شعوراً بالولاء الشخصي، الذي يتجاوز في كثير من الأحيان الاختلافات الإيديولوجية أو إخفاقات السياسة.
ويكمن السحر في البساطة. فقيس سعيد، دائماً ما يُظهر ميلاً نحو التبسيط، فيعرض حلولاً بسيطةً للقضايا المعقدة. وهذا يعكس ميلاً نفسياً إلى تقديم نفسه كشخصية قادرة على اختراق البيروقراطية والنخبوية الفكرية لتقديم إجابات واضحة ومباشرة للمشاكل التي تواجه الشعب. وفي قلب هذا التبسيط، تظهر لديه نزعة معادية للفكر والعلم تروق لأولئك الذين يشعرون بالعزلة طبقياً وجهوياً، أو الذين لا يثقون بالخبراء والمثقفين. وكثيراً ما يصور الخبراء باعتبارهم جزءاً من النخبة الفاسدة، معلناً أن إرادة الشعب أكثر أهمية من الخبرة العلمية. وهذا النهج يساعده على التواصل مع الأتباع الذين يشعرون بالعجز أو الاستبعاد الاجتماعي أوالسياسي، فيقدم لهم حلولاً بسيطة ترضي عواطفهم وكسلهم الفكري.
بمهارةٍ، يظهر قيس سعيد، ساحراً في التلاعب بالعواطف، وهذا جانب بالغ الأهمية في تركيبته النفسية. مستغلاً المخاوف والآمال والاستياء لدى الناس، ومستخدماً هذه المشاعر لبناء شعور قوي بالتضامن معه وشعور أقوى بكراهية خصومه من النخب التقليدية.
مرةً يتلاعب بمشاعر الاستياء التي يظهرها الجمهور غالباً تجاه النخب، التي حكمت خلال العقد، الذي تلى الثورة. ليخلق معادلةً مفادها أنه يمثل الخير فيما تمثل هذه النخب الشر المطلق، دون تنسيب. وهذا الشعور، يخلق بدوره حالةً من التفوق الأخلاقي تجذب إليه الناس، الذين يرون أنفسهم ضحايا فاضلين لنظام فاسد. فيوجه الرئيس هذه المشاعر، ليصور نفسه باعتباره الشخصية الوحيدة القادرة على محاربة الظلم أو الاستغلال الذي تفرضه النخب أو القوى الأجنبية.
ومرةً بتلاعب بمشاعر الأمل لدى الناس. فيبني على مشاعر الاستياء، وهماً بالخلاص القريب. فهو القائد المكلف من العناية الإلهية باستعادة كرامة الشعب وفخره وقوته، من خلال الإطاحة بالنخب الفاسدة وإعادة السلطة إلى المواطنين. ويتردد صدى هذا الوعد بالتجديد عاطفياً لدى الطبقات الشعبية والوسطى، التي تشعر بالتهميش أو التهديد، مما يمنحها شعوراً بالأمل في مستقبل أفضل. ومرةً يتلاعب بمشاعر القلق والخوف لدى الناس. فقد بلغ الرجل السلطة، في سياق كانت فيه البلاد تعاني من أزمة متعددة الأوجه في السياسة والاقتصاد، ونجح من خلال مناخات الخوف والقلق، في كسب أصوات الشعب. ثم إستغل الأزمة الصحية الحادة في عام 2021، وإدارتها الكارثية من طرف الإئتلاف الحزبي الحاكم، لتنفيذ إنقلابٍ من داخل النظام، جعل منه رئيساً مطلقاً.
وفي كل مرةٍ كان الخوف عملته النادرة ليكون رئيساً مخلصاً. ومن خلال تحديد الأعداء أو التهديدات، مثل المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، أو القوى الإمبريالية العالمية، أو النخب المرتمية في أحضان الأجنبي، أو المعارضة الإرهابية، فإنه يستغل خوف الناس من فقدان هويتهم، أو أمنهم، أو أسلوب حياتهم. ثم يصرف من ريع ذلك الخوف دعماً مديداً لحكمه.
الوحيد
الجانب الثاني، الذي ينعكس من شخصية الرئيس التونسي، نحو طبيعة السلطة السائدة اليوم في البلاد، هو الوحدة. في خطابٍ ألقاه قبل شهرين، قال سعيد": أتذكر الطيب المتنبي ولست بالمتنبي.. ولكن أتذكر قوله إنني غريب كصالح في ثمود.. غريب بين من أؤتمنوا وخانوا ..غريب عن هذه المنظومة التي عادت لتتشكل خلال المدة الأخيرة ولتتآمر ولكنني لست غريباً بين أبناء شعبي. " فهذه الوحدة الشعورية، التي يعيشها الرئيس في السلطة، هي انعكاساً لوحدة نفسية داخلية. فهو ليس بعيداً عنه خصومه في السياسة، والذين يعتبرهم أعداء ارتموا في «أحضان الصهيونية وانخرطوا في المحافل الماسونية»، كما وصفهم في الخطاب نفسه، ولكنه بعيد حتى عن أنصاره داخل السلطة.
لقد توقف منذ فترة طويلة عن الاستماع إلى مستشاريه. في قلبه يشك في أنهم يخفون شيئًا ما. ربما مؤامرة تختمر في أروقة السلطة. أفكاره مليئة برؤى الخيانة. أيادٍ تمتد إلى الخناجر، ومؤامرات تهمس في غرف مظلمة. ظهر ذلك بوضوحٍ في انفصاله عن مساعدته، نادية عكاشة، مديرة الديوان الرئاسي السابقة، والتي كانت مهندس إنقلاب 2021. أما اليوم فهي متهمة بالتأمر على أمن الدولة، وهاربة، حالها حال مئات المعارضين، في أوروبا. وقد حدث الإنفصال نفسه، ولو لدرجة أقل حدةً، بينه وبين أغلب الوجوه من وزراء ومسؤولين دعموه بقوة وعملوا معه في القصر والحكومة وفي الأجهزة الأمنية. حتى أقرب حلفائه إليه بدأوا يبدون غرباء عنه.
هذه الوحدة، متعددة الأوجه، سياسياً ونفسياً، جعلت خطبه أكثر حدة وسياساته أكثر قمعاً. من خلال تحذيره الدائم والمفرط، من الخونة في داخل الدولة، ومن الأعداء الذين يرتدون أقنعةً لجوهٍ ودودة. وبينما كانت الوحدة تزيد، كانت دائرته الداخلية تتقلص أكثر فأكثر، حتى لم يبق أحد سواه، وحيدًا في مكتبه الواسع، محاطًا بالأوراق التي لم يعد يثق بها، والتقارير التي لم يعد يصدقها. أتخيله والمرايا في الغرفة تبدو وكأنها عيون أشباح تراقبه، تعكس نسخة من نفسه بالكاد يتعرف عليها. رجل كان ذات يوم راسخاً، لكنه الآن تحت وطأة شكوكه الخاصة. لكن الوحدة في أحد وجوهها مختارة، وليست قهريةً.
يريد الرئيس أن يكون وحيداً، حتى في حشدٍ من أنصاره ومساعديه. لأن وحدته، هي ما يعطيه قيمة الزعيم المخلص، ممثل الإرادة الشعبية. فالخلاص، الذي ارتبط دائماً بالأنبياء، لا تمنح العناية إلا للأفراد، المتميزين، الغرباء عن الواقع. وبذلك تكون الوحدة، سبيلاً للسلطة المطلقة. فضلاً عن أن الوحدة، تعزز صورته المرادفة للدولة والأمة. وتجعل من سلطته الشخصية تمتد إلى ما هو أبعد من الهياكل السياسية الرسمية.
تصبح شخصية الرئيس، يوماً بعد يوم، مركزية للهوية السياسية لحكمه. وبهذه الطريقة، يتم تعزيز الميول الاستبدادية من خلال الدافع النفسي للحفاظ على هيمنته وسيطرته على الواقع والنفوس. إن الوحدة تجلٍ للنرجسية. ومن هذه النرجسية غالباً ما ينشأ الارتياب المزمن. فتتعايش عزلة الرئيس مع خوف كامن من أن يتعرض للخيانة أو التقويض. ويصبح العالم مسرحاً للخطر المستمر، حيث يختبئ المنافسون والخونة والمتآمرون في كل ظل. ويتم تفسير أي شكل من أشكال المعارضة، مهما كان بسيطاً، على أنه جزء من مؤامرة أكبر لإسقاطه. وهذا الارتياب ليس غير عقلانياً دائماً؛ فهو ينبع غالباً من ضغوط سياسية حقيقية. ومع ذلك، فإنه يشوه طريقة ممارسة السلطة، مما يدفعه إلى رؤية الأعداء حيث لا يوجد أعداء، ومما يزيد من عزلته عن الواقع، في نوعٍ من الذُهان السياسي العُضال.
المُنحدرّ
تقود الطبيعة الشخصية للسلطة اليوم في تونس نحو منحدرٍ، لا يشبه أي منحدراتٍ استبدادية سقطت فيها البلاد سابقاً. حيث تقوم معادلة الحكم اليوم، على قائدٍ «وطني نظيف» يمثل «شعباً فاضلاً»، دون أي تنسيب، أو نظرٍ في هذا الشعب وانقساماته الطبقية والجهوية. ودون أي اعتبارٍ لأي أًطرٍ وسيطةٍ، حزبية أو نقابية أو جماهيرية. فالشكل الشخصي للسلطة، مختلف عن الطبيعة الفردية التي ظهرت في عهدي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن عليّ، التي حاولت السيطرة على هذه الأطر الوسيطة دون تدميرها، وراعت كثيراً التركيب الاجتماعي للشعب، كي تسيطر على المجال والسكان والثروة. أما اليوم فنحن إزاء، حالة من الإستبداد، غير العقلاني، الواقع تماماً في فخّ الارتياب وتنامي مشاعر المؤامرة. ومع مواجهته لمزيد من المعارضة، يصبح الرئيس أكثر استعدادا لثني القواعد المؤسسية والقانونية، أو كسرها للحفاظ على قبضته على السلطة. ويقنع نفسه بأن أفعاله ــ مهما كانت قسرية أو قمعية ــ ضرورية للحفاظ على حكمه، وبالتالي الحفاظ «إرادة الشعب»، التي يحتكر تمثيلها.
وعلى هذا النحو، يصبح إدراكه للواقع مشوهاً، حيث تحل مسألة الولاء لسلطته محل أي مسائل أوسع نطاقاً. وهذا يظهر بوضوح في السباق الانتخابي الجاري. فقد وضع الرئيس بنفسه قواعد اللعبة، حيث عين هيئة الانتخابات، بعد أن عزل هئيةً انتخابها البرلمان السابق. وأصدر بنفسه قانوناً انتخابياً، وعين تاريخ الانتخابات. وعندما رأي إمكانية وجود منافسين ربما يهددون حظوظه في الفوز، منعت هيئة الانتخابات المعينة بعضهم من الترشحّ، وحين أمر القضاء بعودتهم إلى السباق رفضت الهيئة أحكام القضاء الإداري. ثم أوعز لنوابٍ موالين له في البرلمان، للقيام بتعديلٍ في نص القانون الانتخابي، قبل أسبوعٍ واحدٍ من الجولة الأولى للرئاسيات، في حادثة ربما تكون غير مسبوقة في التاريخ. وقد بدا أن التعديل يستهدف إخراج القضاء الإداري في اللعبة ومنح سلطة الرقابة على الانتخابات للقضاء العادي. ولم يكتف بذلك، حيث نجد اليوم أحد المرشحين لمنافسته، العياشي زمال، يخوض حملته الانتخابية من داخل السجن.
إن شخصية الرئيس، التي باتت تشغل حيزاً متناقضاً داخل المشهد السياسي والاجتماعي، بين ما تمثله من مخاوف الجماهير وآمالها وتطلعاتها، وبين ما تعيشه داخل حدود متاهة فرضتها على نفسها، صارت تغطي الكلّ السياسي في البلاد.
هذه المتاهة ليست مجرد مظهر مادي بل بناءً داخلياً، ومساحة نفسية تعكس تشوه تصوره للواقع. داخلها، يتصارع الرجل مع ثنائية كونه، ممثلاً للشعب ووفي الوقت نفسه، فردًا يسعى إلى السلطة. وغالباً ما يجد نفسه محاصراً في غرفة صدى من صنعه. فتصبح الأصوات التي تحيط به، من المؤيدين والمستشارين والمنتقدين، انعكاساتٍ مضخمةً لأفكاره ومخاوفه.
وفي هذه المتاهة، يتربص الارتياب في كل زاوية، ويتغذى على ظلال الشك والخيانة. ويصبح الرجل مقتنعاً بشكل متزايد بأنه محاط بالأعداء، سواء الحقيقيين أو المتخيلين، وهو ما يعزز عزلته ويزيد من تشويه نظرته للواقع. في هذه الديناميكية، غالبًا ما تؤدي محاولاته للسيطرة على السرد إلى مزيد من التفتت. وكلما أكد على هيمنته، كلما أصبح المشهد أكثر تفتتًا، مما يعكس الشقوق داخل ذاته. تصبح المتاهة موقعًا للصراع، حيث تتعارض حاجته للسيطرة مع عدم القدرة على التنبؤ.
إن هذه المتاهة المبنية على هياكل هشة من الارتياب والطموح، تتحول في نهاية المطاف إلى حاجز بينه وبين الواقع. وقد يجد الأتباع، الذين احتشدوا ذات يوم خلفه، أنفسهم ضائعين في المتاهة، مرتبكين بسبب سردياته المتغيرة وسلوكه المتقلب. وتفسح الوعود بالسيادة والرخاء والرفاه، المجال لشعور بالخيانة وخيبة الأمل، حيث تتجلى الاضطرابات الداخلية لذاته في شكل حكم فوضوي، يخبط خبط عشواء.وهو الحاصل اليوم، ولا ريبّ.