آخر زيارة أديتها للسيدة سهام بن سدرين في سجن إيقافها بمنوبة كانت في اليوم الرابع لإضرابها عن الطعام، وهو يوم الجمعة الموافق للسابع عشر من شهر جانفي الجاري. كانت ملامح الإرهاق تأخذ من محياها ومن جسدها النحيل، وعلى غير العادة اختصرنا مدة الزيارة في عشرة دقائق فقط بدل النصف ساعة، حتى اخفف من ارهاقها. ومن ذلك اليوم وانا اتابع أخبارها اولا بأول من عائلتها ومن الزملاء المحامين اللذين يزورونها يوميا، وآخر أخبارها تلقيتها من زوجها الذي زارها مساء هذا اليوم وهو اليوم العاشر من اضرابها عن الطعام، وأكد لي بانها متمسكة بمواصلة اضرابها عن الطعام وهي صامدة ومصرة عليه كوسيلة اخيرة لاسترجاع حريتها التي سلبها منها أعوان منظومة الاستبداد والفساد في تونس التي عملت هيئة الحقيقة والكرامة التي ترأستها على التصدي لها بالبحث والتحقيق واحالة ملفاتها على الدوائر القضائية الجنائية المختصة في العدالة الإنتقالية.
المرعب حقا والمخيف جدا في قرار اضراب السيدة سهام بن سدرين هو سبق اصابتها بفيروس الكورنا سنة 2019 ومعاناتها من مخلفاته وآثاره على جسدها. السيدة سهام بن سدرين واجهت هذا الفيروس اللعين دونما خضوع للتلقيح ..... على خلافي وعلى خلاف زوجها صديقي العزيز السيد عمر المستيري رفضت السيدة سهام بن سدرين التلاقيح ضد فيروس الكورونا وواجهته بمناعتها الجسدية التي وهبها خالقها ونجحت في التغلب على الفيروس.
هاهي اليوم تواجه فيروس منظومة الاستبداد والفساد مرة أخرى بتعريض جسدها النحيل وحياتها للخطر !
حقيقة انا استحي انني انتمي إلى قوم يرضون لهذه المرأة الانسانة الحرة الشجاعة التي واجهت وحوش الاستبداد والفساد بالوكالة عن شعبها ان تعرض نفسها لمخاطر الإضراب عن الطعام وهي في سن الأربعة والسبعين عاما !
عار على كل حر شريف في هذه البلاد ان تضرب السيدة سهام بن سدرين عن الطعام ويأكل هو الطعام !
عار على كل محام وعلى كل قاض ان تودع السجن ظلما وتشفيا إمرأة بحجم السيدة سهام بن سدرين مشهود لها وطنيا ودوليا بالنضال وبالقيم والاخلاق الانسانية ونظافة اليد والضمير وان تلجأ الى الإضراب عن الطعام ليأسها من وجود قضاء محايد وعادل يحمي حريتها من وحوش منظومة الاستبداد والفساد النافذة في هذا القضاء الظالم.
عار علينا جميعا أن تضرب السيدة سهام بن سدرين عن الطعام من اجل الحقيقة والكرامة ونأكل نحن الطعام مقابل الكذب والمهانة !