سألني صديقي من تونس : تفتكر ماذا يناقش الزعماء العرب في قمة نواكشوط ؟! قلت له أكيد القضية الفلسطينية! لا المعذر يمكن القضية اليمنية لا لا القضية السورية اهم ، لا لا يمكن يناقشون القضية الليبية لا لا اعتقد الأزمة اللبنانية هي الأهم لا لا نسيت ربما سيتذكرون الصومال ! لا لا يمكن يناقشون قضية الإرهاب آه نسيت العراق والتهديد الإيراني ! المعذرة هناك أزمة في مصر ! لا لا اعتقد ان التهديد الأمني ومشكلة الإرهاب هي التي تشغل اهتمامهم لا لا اعتقد ان دعم تونس هو الأهم
ومن يعرف موضوع القمة يقول ؟!
في السياسة والسباحة !
لا يمكن للمرء ان يتعلم السباحة على اليابسة !
السياسة فن يكتسب بالخبرة والتجربة في عالم الممارسة ، وهي تشبه فن السباحة في المياة الصالحة لها، فكما ان أهل المدينة يتعلمون السباحة في المسابح العامة التي يتم إنشاءها لهذاالغرض ، فكذلك يفترض أن يتعلم الناس السياسة وقواعد لعبتها في ميدان الشأن العام المباح للجميع الراشدين ذكورا واناثا بدرجة متساوية من الفرص ، في البلاد العربية وفي ظل النخب السياسية المهيمنة لم تمنح السلطات السياسية هذا الحق الطبيعي لموطنيها كما هو حال الدول الديمقراطية الحديثة في الغرب والشرق بل أخضعتها بقوة النار والحديد لتحقيق مشيئتها، والنتيجة هو هذا التخبط والخراب التي بلغته المجتمعات العربية اليوم, إذ باتت اليوم تهيم على وجوهها في دوامة مهلكة من الانفجارات الغاضبة العنيفة والهستيريا الجمعية المسدودة الأفاق, وهكذا يكون الحال حينما يتم تجفيف المسبح المدني السياسي من المياه الصالحة للسباحة, ليستحيل إلى قاع صفف , او مرتع للمياة الضحلة, بحيث أن كل من يحاول السباحة فيه يرتطم رأسه في الصخرة التي تخفيها المياه الضحلة ، مرتع الطفيليات والأفاعي والكائنات السامة !
فمن اي الأوكار تتطلع رؤوس الأفاعي ياترى ؟!
الشعوب التي خاضت التجربة الديمقراطية وذاقت ثمارها الطيبة لن تتخلى عنها بسهولة والتمسك بالمجرب المعلوم أفضل من الارتماء في دوامة العاصف المجهول !
ولا بديل عن الديمقراطية؛ التقنية الوحيدة المجربة في إدارة العملية السياسية ودوران عجلة الحكم والتبادل السلمي للسلطة في الدولة الحديثة !
تأويل العرب للانقلاب العسكري الفاشل في تركيا وتفسيرهم له جاء متسقا مع الهابتوس الخاص بهم الذي يعلي من شأن الأشخاص على حساب المؤسسات اذ ان جل الاهتمام والتركيز بين جموع المؤيديين والمعارضين كان منصبا على اردوغان وحزبه دون إعارة الاهتمام الكافي للشعب التركي ومؤسساته وتجربته الديمقراطية .
وهذا راجع الى تجارب العرب المستمرة وخبراتهم المتكررة مع السلطة والسلطان ، التشخيص والشخصنة هي البنية المستحكمة في المخيال العربي منذ اقدم العصور اما التفكير خارج هذه الأفق فلازال بعيد المنال لأنهم ببساطة لم يعرفوا الديمقراطية وحكم الدولة الحديثة ومعنى وجود المؤسسات الراسخة والدولة العميقة ، والنَّاس هم الذين ينشاءون مؤسساتهم ثم تقوم هي بعد ان تتشكل بانشاءهم !
وحينما تتشكل حياة الناس وتفكيرهم على نحو من الأنحاء يصعب تغييرها ! ومع ذلك ما حدث في تركيا ليس أمرا عابرا بل هزة أربكت المشهد التركي والعربي والعالمي وتعني الشيء الكثير ! والضربة التي ما تصيب تدوش !