وزارة التعليم العالي والإمعان في إهانة المبرّزين

Photo

يعيش سلك المبرّزين احتقانا كبيرا هذه الأيام بسبب تمادي وزارة التعليم العالي في انتهاج سياسة التجاهل وعدم الاكتراث بما يحصل لهم من مشاكل مادّية تعود أساسا إلى تعدد الأخطاء الإدارية نتيجة السهو والإهمال واللامبالاة وتكريس منطق "العبودية الجديدة" من خلال توظيفهم والتوسّل بخدماتهم عملا بمبدأ الحدّ من الانتدابات في سلك المدرّسين الباحثين وبحثا عن الجودة التعليميّة بأقل التكاليف اعتبارا إلى تكوين المبرّزين المميز من الناحيتيْن البيداغوجية والعلمية.

وبدل أن يحظى هؤلاء بجزء من الكرامة والاعتبار الذي يجده غيرهم من المدرّسين في هذه الوزارة تمعن هذه الأخيرة في إشعارهم بأنهم سلك هجين ولا يمت بصلة إلى منظومة التعليم العالي الإداريّة و الماليّة في توجه كاشف عن منطق الالتواء والبحث عن كل المبررات للتصغير من شأنهم وعدم الاعتراف بحقوقهم ، وهاهي الأيام تؤكّد بكل جدّية منطق هذه التوجهات.

فإثر الاتفاق الحاصل بينها وبين وزارة التربية لتمتيع جميع المبرّزين بترقيات استثنائية جاءت تتويجا لنضالات نقابة التعليم الثانوي من أجل مدرسيها وبعد التلكؤ الغريب في تطبيق الأوامر الصادرة في جانفي 2016 أُصدرت النتائج في شهر جويلية متضمنة إدراج رتبة جديدة هي مبرز أول مميز، بما يقتضي تحيين النصوص القانونية السابقة التي تمنح مبرّزي التعليم العالي منحة تعيين خاصة بهم دون غيرهم في رتبتيْن لا غير هما مبرّز ومبرّز أول منذ سنة 2013، وهنا مكمن الفضيحة ، فعندما وقع تنفيذ الترقيات بعد تعطل طويل وجد المرتقون إلى الرتب الجديدة المحدثة أن أجورهم تقلصت وحذف منها مبلغ منحة التعيين المقدّر ب230 د،وتبعا لذلك حرموا من كافة المبالغ المتخلّدة (من جانفي 2015 للبعض وجانفي 2016 للآخرين) وظلوا تائهين بين أروقة الوزارة يتساءلون عن كيفية حلّ هذا المشكل إلى أن أطل ركب الفريق الوزاري الجديد الذي زاد الطين بلة، فبدل السعي إلى كتابة أمر جديد يحيّن القديم مثلما وقع مع أساتذة السلك المشترك اكتفى السيد الوزير الجديد بإمضاء مجرد مذكرة تدعو إلى إصلاح الخطأ وهو ما اعتبر لدى مصالح الرقابة الماليّة غير كاف في التنفيذ.

وتبعا لذلك التجأت الوزارة إلى إصدار مذكرة جديدة تلغي الترقيات وقتيا، وهكذا ظل المبرّزون مثل القارب الذي تتقاذفه الأمواج بين أيدي فئة لا تفقه ماذا تفعل سوى الصور الزاهية الخادعة والخطب الرنانة في الوقت الذي كان بالإمكان أن تعكف كل المصالح بإشراف الوزير على حل مشكل بسيط وواضح لا بزيادة تعقيده.

هذا غيض من فيض عن واقع مرير يعيشه سلك من المدرّسين في وزارة يفترض أن تكون قاطرة للتنمية والاستثمار لا مثالا لسوء التسيير مع أقرب موظفيها ومنظوريها :المدرسين المبرّزين. فإذا كان الأمر هكذا بين أبناء الوزارة الواحدة فماذا يا ترى سيكون الحال مع الراغبين في الاستثمار بالبلد في ظل ماكينية إدارية وسياسية تعطل نفسها بنفسها؟؟


سامي الرياحي : أستاذ مبرّز أول مميز بجامعة تونس وعضو النيابة النقابية بالمعهد التحضيري للدراسات الأدبية والعلوم الإنسانيّة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات