الاستثمار بين التوطين والتدويل

Photo

لقد شهدت البلاد تعبئة اعلامية لا يضاهيها سوى تعبئة المرتزقة من الاعلاميين في التغطية على بشاعة و جرائم النظام القديم الذي لا يزال متغلغلا في كل جوانب البلاد فحتى خرسانات البناءات شاهدة على الفظاعات. لكن هذه التعبئة الحديثة كانت من اجل التمهيد لمؤتمر دولي للاستثمار تلعب فيه الدولة الوطنية الحديثة دور المتسول صاحب اليد السفلى.

تمر مثل هته المناسبات في اجواء لا تقبل غير صوت واحد هو صوت صاحب القرار المتفرد بالراي بطبيعة الحال. فلا يمكن ان يرتفع صوت ناقد وطني يتحول في طرفة عين الى خائن ماجور بالنسبة للأبواق المأجورة التي ما فتات تقلقنا بضجيجها المتواصل في الشاشات. ان الاستثمار المتحدث عنه اليوم هو ضرب من ضروب تحويل الوجهة لوطن اشعل فتيل الثورات في وجه انظمة سامت شعوبها الويلات.

نعم انه ضرب من تحويل الوجهة فالاستثمار الحقيقي اليوم و الذي قامت من اجله الثورات لا يكون عبر مواصلة السياسات القمعية و سلك منهاج الاولين في ترسيخ الاستبداد و انما يقوم الاستثمار الحق على رغبة سياسية نابعة من حس وطني يعكس رغبة في التغيير و الاصلاح. و اهم قواعد تحقيق النهضة الاقتصادية و الاجتماعية هي قوله تعالى "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". و لذلك نركز دوما على اهمية الرغبة السياسية في التغيير فلا تنتظر ممن يحن الى زمن الديكتاتورية ان يعمل لصلاح الشعب و تحسين وضعه.

و اذا ما وجدت هته الرغبة حينها يكون العمل على تحضير الارضية الملائمة لتحقيق التغيير في الاوساط الشعبية. ان الاستثمار الحقيقي يقوم على زرع الحس الوطني في نفوس الشباب المتأجج نشاطا فهو القادر على البذل و العطاء و التضحيات الجسام.

ان الاستثمار في اسباب القوة الداخلية هو وحده قادر على الرقي بالأوطان و تحسين اوضاع شعوبها. اما ما هو خارجي على سبيل القروض و الهبات لا يفتا ان يكون ضربا من الاستعمار الجديد. حيث توهب الاموال في شكل صفقات تضاعف فيها التكلفة و يتقاسم فيها الشركاء نصيبهم في كواليس الظلام ثم توقع تحت الاضواء الكاشفة التي لا تستطيع ان تكشف ما كان يدور في الاروقة الضيقة المظلمة من نهب للمال العام و ضحك على الشعوب.

وعودا الى اسباب القوة الداخلية فان الشباب هو من اهم عوامل قوة الاوطان العربية اذا ما احسن استغلال طاقاته و لم تكمم افواهه. ان المناخ الديمقراطي هو ايضا من اهم عوامل الاستثمار حيث ان حرية النقد و فسح المجالات لأثراء الحوارات البناءة هو ضرب من ضروب البناء. و لكن لا تنتظر يوما ممن نشا في احضان الديكتاتورية و تعلم السياسة على انها فن قمع الاخر ان يكون يوما ديمقراطيا او ان يفكر يوما بشكل تشاركي فالوطن في نظره مزرعة خاصة لا يتقاسمها معه سوى المقربون.

ان الوطني الحق اذا ما تقلد المناصب سعى ليصلح قدر استطاعته فمحاربة الفساد و الضرب على ايدي المفسدين المخربين هو من اهم مظاهر الاستثمار الحقيقي الذي ينمو فيه الاقتصاد الوطني و لا يهان فيه الفرد. اما اذا كان المسؤول داعية الى الارتهان الدولي و شيطانا اخرس امام الفساد الوطني فاعلم بانه ممن اخذتهم العمالة فباعوا ذممهم و تخلوا عن اوطانهم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات