كما أن فلسطين كانت على الدوام لحظة الحقيقة الطويلة والكاشفة، وهو ما يحدث الآن، الا انها ، ومثل أي معجزة، يمكن أن تتحول الى لحظة نجاة تمنح أولئك الذي استخفوا بقدرتها، أو تجاهلوا دلالاتها، أو فكروا باستثمارها أوشراء مصيرهم بالمقايضة بأهلها وحجارتها.. تمنحهم إشارة لتغيير قدرهم البائس. لا تنظر الى التاريخ ولا تستحضر الماضي، التاريخ والراهن يتجمع هنا.
بالنسبة لنا لم يكن غطاءً عربياً حتى يرتفعَ بالعلاقات العربية الواضحة مع اسرائيل، فقد علّمتنا التجربة أن الأنظمة العربية منذ البداية كانت تحارب الاستقلال الفلسطينيّ وتقف إلى صفّ الاحتلال…
لكنّ التحّولات الشعبية العربية في الموقف من اسرائيل، لها أسباب كثيرة منها: صعود الحرب الطائفية واختراع اصطفافات مذهبية في العالم العربي بمساهمة اسرائيلية واضحة أبعدت اسرائيل عن دائرة الصراع الأساسي في الهوية العربية، كما أنّ هزيمة الفكرة الفلسطينية بفضل مشروع السلطة والدولة الديكتاتورية الفاسدة، أحبطَ الحلم العربي بفلسطين الحرية، والتطبيع المستمرّ مع دولة الاحتلال خلال السنوات الماضية دون تحقيقِ أيّ تقدّمٍ سياسيّ.
أسبابٌ ستؤدّي إلى تحويل القدس إلى عاصمة إسرائيلية دون صرخة عربية... لكنّ الصراخ الذي سمعناه لسنوات وكان يطالبنا دائماً بمزيد من موتنا حفاظا على الكرامة العربية، لم يدفعْ العربةَ شبراً واحداً…
الحقيقة أننا في عالَمٍ عربيّ مُحتلٍّ من اسرائيل زعماؤه مثل زعمائنا محتلون من اسرائيل... والناس في فلسطين وخارجها سوفَ يبقونَ مثلما كانوا، منهم من هزمَــهُ الاستعمار والطغيان وقرر ممارسة الثغاء مع القطيع…
ومنهم من ما زالَ يتذكرُ جيداً أنه إنسان.
قلّما أجدُ صورةً ترضيني أشاركها مع الأصدقاء، لأقول: هذه صورتي…
كأنّ سؤالاً خبيثاً يخنسُ خلفها: صورةُ من هذه؟! فلا أستطيعُ أن أقولَ: أنا، هذه صورتي
وكأنّ معنىً يظلّ ناقصاً في الصورة التي لم أملأ نظراتها بحكايةٍ لائقة، ولم أكتبْ شيئاً مُهمّاً على السطورِ التي بدت أوضح في جبيني…
أنا من الذين جاءوا العالَمَ بحكايةٍ مختصرةٍ بكلمةٍ جاهزة: فلسطيني... لكنني أحبّ أن أنشرَ هذه الصورةَ التي ولدت بمعنىً تــــام : هذه عيونُنا، وهذه نظرتنا العالية..
هذه صورتنا.