دعيت لاجتماع واحد للجنة الحريات الخاصة والمساواة التي ترأسها الأستاذة بشرى بالحاج حميدة مع عدد من أساتذة الزيتونة وقد حرصت مع عدد من الأساتذة منهم د.برهان النفاتي ود.محمد الشتيوي أن نشارك لنصدع بالموقف الشرعي في قضية تمثل حجر الزاوية في هوية بلادنا.
ثم لم توجه لي الدعوة بعد ذلك أنا وعدد من الأساتذة ممن كان رأيهم مخالفا لتوجهات اللجنة ويومها كانت هذه مداخلتي وهي مسجلة لديهم صوتا وصورة.
أحكام الميراث في الإسلام لا تبنى على معيار الجنس:
إن أحكام المواريث غير مبنية على معيار الجنس أي الذكورة والأنوثة وإنما مبنية على معايير أخرى غير هذا المعيار وقد رتب ساداتنا من أهل العلم هذه المعايير على ثلاثة:
المعيار الأول:
جهة القرابة: فأولى المعايير التي تراعى في التوريث هي جهة القرابة من المتوفّى فجهة البنوة مقدمة على جهة الأبوة وجهة الأبوة مقدمة على جهة الأخوة وجهة الأخوة مقدمة على جهة العمومة وهكذا.
المعيار الثاني:
درجة القرابة: إذا استوت جهة القرابة من الميت يكون معيار التفاوت بين الورثة هو درجة القرابة من الميت ففي جهة الأخوة يقدم الإخوة الأشقاء على الإخوة لأب، ويقدم الإخوة لأب على أبناء الإخوة الأشقاء، وهكذا مما هو مفصل في كتب المواريث.
المعيار الثالث:
وأما المعيار الثالث للتفاوت بين الورثة فهو العبء المالي الذي يوجبه الشرع على الوارث فالزوج يقع على عاتقه الإنفاق وجوبا على الزوجة، وليس ذلك بواجب عليها مهما كان اقتدارها المالي ولهذا يرث الابن ضعف ميراث البنت.
ولكن هذا التفاوت بين الذكر والأنثى ليس أمراً ثابتاً في كل الأحوال فقوله تعالى: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ افتتحت هذه الآية بقوله تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ﴾ وليس (يوصيكم الله في الورثة)، وعلى ذلك ورغم كثرة مسائل الميراث لا يوجد غير ست حالات ترث فيها الأنثى نصف ميراث الذكر، وفيما عدا ذلك فالأنثى إما أن ترث مثل ميراث الذكر أو ترث أكثر منه أو تحجبه أصلاً عن الميراث، إلى غير ذلك من التفاصيل المقررة في كتب علم الفرائض.
ولعل الداعين للمساواة في الإرث بين الذكر والأنثى غفلوا عن أن الأنثى ليست مقتصرة على البنت أو الأخت، وإنما تتجاوز ذلك لتكون الأنثى هي: البنت والأم والأخت الشقيقة والأخت لأب والأخت لأم والزوجة والجدة، وأن الميراث منظومة متكاملة يؤدي المساس بنصيب أي وارث إلى المساس بالمنظومة كلها وتتأثر أنصبة باقي الورثة ذكوراً وإناثاً بأي تغيير في نصيب أي وارث.
واقترح أحد الأساتذة اقتراحا يتمثل في أن يختار كل إنسان ما يريد بحيث يكون هناك نظامين إما المساواة أو التقسيم الشرعي وهو اقتراح غريب فلو افترضنا أن امرأة اختارت المساواة واختار أخوها التقسيم الشرعي فإلى من سيحتكمون.؟؟؟؟
ويمكن لمن شاء الاطلاع على كتابي (شذا الزهرات في قسمة التركات) والذي هو في المطبعة وأرجو أن تتم طباعته قريبا.