استدراج شخص وايهامه بمشروع معيّن يبدو قانونيا والإنفراد به في مسكن ناء ومحاصرته برجال مسلحين بأسلحة مكشوفة وتغيير موضوع العرض والمشروع خلافا لما تم الإخبار به بتعلّة عدم الإفصاح عن حقيقة الموضوع بالهاتف لأنه مراقب، وممارسة ضغط على الضيف كي لا يغادر المنزل،
كلّها انتهاكات قانونيّة بشعة المفروض أن تدخل تحت طائلة الملاحقة الجزائيّة ومثل هذه الظروف المريبة التي يجد فيها الضيف نفسه لا تصلح لإصدار أيّ حكم موضوعي ومنصف تجاه حقيقة مبادئه ومواقفه، ممّا يجعلها أقرب الى محاولة تشويه شخص باطلا.
وهل يشفع لمن يهدّد بسلاح ناري ويدخل الإرتباك والهلع في نفس فريسته التي انفرد بها في منزل قصيّ محاط بأسوار عالية، أن يقول في النهاية مبتسما "آسف كنت أمثّل حلقة كاميرا كاشي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟" الجريمة قائمة لا محال.
مثل هذه البرامج تعكس وقاحة مفرطة وكذبا أصبح عقيدة طاغية في سلوك الناس فضلا عن التلاعب بمشاعر المواطنين لسهولة تمرير بعض الأجندات عبر اظهار أشخاص معينين في مظهر الأبطال الوهميين مقابل التنكيل بآخرين.
هذا لا يمكن أن يكون لا كاميرا خفية تهدف الى الترفيه وإضحاك المتفرجين لطرافتها ولا يكون عملا استقصائيّا يستند الى الصدق والأمانة في المهمة وإلاّ فقدت نتائج الإستقصاء كلّ مصداقيّة.
تصريح خطير أدلى به لإذاعة موزاييك الصحفي وليد الزريبي معدّ البرنامج المهزلة أنهم قرروا الإمتناع عن بثّ حلقة لفنان مشهور، وقرروا حرق التسجيل برمته وتكبّد خسائر ماليّة أنفقوها في تصوير تلك الحلقة.
وحينما سأله منشط البرنامج عن السبب، أجاب بأنّه لو يقع عرض الحلقة فإنّ ذلك الضيف (الفنان المشهور) سينتحر وسيحرق نفسه.
ألهذا الحدّ وصل التلاعب بمشاعر الناس، والتغرير بهم، واللعب على المسائل المتداخلة والمتلبّسة: يهود/صهاينة، حوار أديان/تطبيع مع اسرائيل، مساندة الفلسطينيين/الدمار لإسرائيل، كلها عناوين ملتبسة يمكن أن توقع المحاور في الغلط، فقد يقبل الحوار مع يهودي من باب حوار الأديان والتسامح ليتضح أنه قبل التحاور مع صهيوني.
ما صرّح به وليد الزريبي في اذاعة موزاييك اقرار بفداحة الجريمة التي ارتكبوها بهذه الأفكار المثيرة للحقد والبغضاء بين التونسيين والتي تهدّد السلم الإجتماعيّ.
المشكل أنّنا بالتسريبات التي قام بها أصحاب البرنامج بطريقة غير حرفيّة، أصبحنا في موقع اللاعودة، فالجريمة مرتكبة ومنع بثّها يمكن أن يضاعف من حجم وقع تلك الجريمة ويضاعف من التوتر وينعش الإشاعات المغرضة.