انطلقت الحملة الإعلامية المسعورة ضد اعوان الصحة و الصيدلية المركزية معتبرينهم السبب الرئيسي في إفلاس الصيدلية المركزية و سرقة الأدوية . إن هذا الملف الخطير لا يعالج بهاته الطريقة الانتقائية و الشعبوية والتي تهدف إلي التغطية على الأسباب الحقيقة للوضع المتردي و التي حسب رأيي تتمثل في الأسباب التالية :
* اولا :السلطة هي التي قامت بتدمير اهم مؤسسة وطنية في هذا المجال وهي " شركة الصناعات الدوائيه التونسية " والتي تعتبر فخر الصناعة التونسية . هذه الشركة التي لها اكثر من 200 منتج أثبتوا فاعيليتهم منذ سنوات و التي يمكن لها إن تطورت أن تحقق الاكتفاء الذاتي يتم تدميرها بصفة ممنهجة خاصة عبر ادخال منافسين لها في تزويد المستشفيات العمومية و عبر عدم توفير الخطط اللازمة لتصدير منتجاتها مثل ما تقوم به شركة أدوية الأردنية التي غزت السوق التونسية و عبر عدم توسيع مجال عملها و الانتداب فيها.
* ثانيا : صناعة الأدوية هي اول صناعة مربحة في العالم ( بعد صناعة السلاح( و يتم التعامل مع السوق التونسية كساحة حرب تستباح فيها السيادة الوطنية و تنتهك فيها حياة المرضى و في هذا السياق تعبر فضيحة شركة unimed لرضا شرف الدين أهم قضايا الفساد المعروفة من الجميع حيث تحصلت هاته الشركة على رخصة ترويج منتج في المستشفيات العمومية (enoxamed) في حين أنها لم تحصل بعد على رخصة المعادلة الطبية .
كما يقوم رضا شرف الدين صحبة مافيات القطاع بالعمل على ضرب الصيدلية المركزية حتى تصبح سوق الأدوية مجالا للمضاربة و الربح و النهب و الفساد.
* ثالثا : تقوم CNAM بصرف 60% من ميزانيتها على القطاع الخاص الذي لا يمثل المنخرطون فيه سوى 20% أما بقية 40% من عائدات CNAM فهي تصرف على 80% من الشعب في القطاع العمومي .
*رابعا : و اخيرا ، إن انهيار الاقتصاد التونسي وخصوصا انخفاض سعر صرف الدينار خلق ارتفاعا هاما في أسعار الأدوية إن كانت مستوردة أو حتى المصنوعة محليا ( لان المواد الأولية يتم استيرادها من الخارج ) ، كما لا ننسى إهدار المال العام في استيراد مواد طبية و شبه طبية لتجميل و التنحيف و غيرها من الكماليات التي تضطر الصيدلية المركزية لاستيرادها بالعملة الصعبة.
هذا قليل مما يحدث في قطاع الصحة و صناعة الأدوية فالنهب و السرقة تقوم بها مافيات متنفذة داخل جهاز الدولة و بغطاء من السلطة الحاكمة التي هدفها الرئيسي هو خوصصة الصيدلية المركزية .
المعركة اكبر و اخطر من سرقات بسيطة لعون هنا او هناك المعركة ضد منظومة كاملة محمية من سلطة العمالة و الفساد و الاستغلال.
ملاحظة : قمت بنشر هذا البوست منذ أكثر من ستة أشهر و اعيد نشره اليوم لأنه يحدد أهم أسباب الأزمة و التي هي امتداد لأزمات سابقة .