عقبال كل الأسرى يما !

Photo

كحكايا الجدات، ما تزال بعض القرى تحتفظ بذاكرة فتاة بالعشرين، تنفض غبار الليل عن كتفيها، وتتألق لنهار جديد من المواجهة،جهزت نفسها جيداً، تراقب، تتحضر، وتنتظر الأسوأ، لكنها لا تصرخ طلباً للنجدة، ولا تخفض صوتها أملاً في الرأفة، إنها تقول بالصوت العالي، ها نحن وهذه هي الساحات، ما هنا ولن نهون.

وحدهن أمهات الأسرى يستطعن شرح سر فرحتهن هذا اليوم، ولو سألنا أمهات الأسرى عنها لكانت الأجوبة مشتقة من جملتهن الأشهر (عقبال كل الأسرى يما). منذ أن منحت هذه البلاد مسحة من قداسة، ومنذ أن نمنا ليلتنا الأولى في الخيام، وكل شهيد ابن للجميع، وكل أسير يملؤ ظله المقاعد الفارغة في أكثر من ٧٠٠٠ منزل،

هناك حيث ترقب الأمهات عودة الأبناء منتظرات الفرج، وحيث ينتظر الأطفال الآباء ملتحين سنوات السجن المقيتة، وحيث كانت تغص القلوب بخبر كل شهيد وكأن البيوت تعلن الحداد، لم تكن تفرقنا السياسة، بقدر ما فرقتنا أصنامنا وهلوساتنا بوعينا الواهم وعصبيتنا القبلية والحزبية.

أما وقد بتنا ننشر ونستطيع التباهي بحالة الاختلاف، فلماذا لا نختلف على أجمل ما فينا (تحررنا من الأسر). لم تكن عهد أكثر من طفلة اعترتها الكرامة فردت الصفعة بصفعة، وفعلت ما يتمنى ان يفعله كل منا في لحظة عجز امام خوذات الجند.

لم ازل أذكر ذلك الجندي فوق مكعب الاسمنت في الطريق بين رام الله والقدس، كان يشير للسيارات بالمرور بحركة من رجله، فأنّا لي الآن ان اجده لأصفعه…. وان كانت عهد فعلاً قد تحولت الى رمز في لحظة تاريخية ومشهدية خاصة، فذلك ليس لأننا نسينا أحد، بل لأننا فقط لم ننجح بتحويل قصة كل اسير وكل شهيد الى رمز، وهذا ما علينا ان نسعى له دوماً.

واسألوا أمهات الأسرى، فقلوبهن تحفظ الإجابة، وكل منهن تقول وهي تحتضن ابنها او ابنتها الخارجين تواً من سجون الإحتلال وبلا تردد (عقبال كل الأسرى يما).

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات