كانت الساعة تشير الى منتصف النهار، كان كل شيء بمفترق نزل المشتل منتظما، يشتعل الضوء الاخضر فتتقدم السيارات، يشتعل الضوء الاحمر فتتوقف السيارات، حتى عنّ لاحدهم ان يتقدم للمرور رغم الاشارة الحمراء ورغم سيل السيارات المسارعة للعبور في وقتها القانوني، ويتقدم سي "المزروب" بتهور وسط السيارات فيقف اغلبها حيطة وتحوطا،
وفجاة يتناسى بقية السواق رخص السياقة وقوانين السير ويرموا بهدوء اعصابهم على قارعة الطريق وينطلقوا في رحلة افتكاك الاولوية والمرور بقوة، وتعطلت لغة التحضر وحضرت لغة "ذراعك يا علاف" وتوقف المسير،
واتجهت السيارات في كل الاتجاهات إلا اتجاه العبور السليم ولعلعت اصوات المزامير واشعلت الاضواء وتعطلت لغة المرور. امتدت الطوابير الطويلة والمملة في كل الاتجاهات.
كان الامل ان تعود الامور الى نصابها مع مغادرة الموظفين لأعمالهم والتحاقهم بحركة السير، ولكن هؤلاء المئات من الساهرين على تنظيم شؤون التونسيين انخرطوا بدورهم في "السيستام" وبعضهم يناطح بالسيارات الادارية. الفلم تركته متواصلا الى حدود الساعة الثالثة مساء ولا ادري هل مازال متواصلا ام عاد "شاهد العقل" الى الجماعة؟
الحديث عن الوقت الضائع والمحروقات المدعومة والمهدورة يكاد يكون لغوا.