القضية:
- القضية المثارة هي محل متابعة من القضاء منذ فترة. القضية الرئيسية ليست في رخصة حقل النفط ( بحسب مختصين القضية لا تحمل طابع فساد خاصة وأن الحقل المذكور لا ينتج والعقوبات ان وقعت فستكون ذات طابع إداري) ، بل القضية الأهم هي قضية تحيل ونصب ورشوة متهم فيها كاتب دولة في وزارة الطاقة مع مديرين معه بنفس الوزارة.
قاضي شاب يمسك بالقضية يقرر إصدار بطاقة ايداع في ثلاثتهم، بعد استشارة الوكيل العام. (في انتظار إجابة الوكيل العام، شرع المتهمون - بحكم منصبهم- في الضغط على الشهود واغرائهم بامتيازات في مناقصات أخرى باعتبار أن المتضررين من أصحاب المشاريع، وبدأ فعلا مسار القضية يذهب في اتجاه آخر وبدأت الأقوال تتغير).
القاضي يصدر بطاقات الإيداع، وبمرورها الى الوكيل العام يتصل الاخير بوزير العدل ويطلعه على كافة حيثيات القضية. يجمع الوزير الملف كاملا ويحيله الى رئيس الحكومة (ومن هنا تأخذ القضية بعدها السياسي).
دهاء فريق الشاهد:
- رئيس الحكومة فهم أن قرار الايقاف آت لا محالة لكاتب الدولة ومعه المديران، لذا يجب الاستفادة اكثر ما يمكن من القضية ولا يمكن أن تحسب عليه أن وقع ايقاف مسؤول في حكومته بتهمة الرشوة والفساد.
في نفس الليلة يجمع يوسف الشاهد الوزير ومن معه في القضية في الوزارة الأولى ويطلعهم على ملفاتهم وأعلمهم انه لم يتخذ القرار النهائي بعد، لكن وان يتوقعوا منه اي قرار.
- بعد صدور قرار الاقالة، استقبل الشاهد صباح الجمعة رئيس لجنة الطاقة بمجلس نواب الشعب النائب عامر العريض، واطلعه على كامل تفاصيل الملف وبذلك يكون قد مرر - بذكاء - الملف إلى مجلس النواب للتحقيق فيه ويُعفى مستقبلا من اي جلسة مساءلة محتملة من المجلس والتخلص من اي ضغط سيسلط على حكومته.
- ضغط اخر يتخلص منه الشاهد بعد قراره إلحاق مصالح وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة بوزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، وبالتالي سدّ باب اي فراغ حكومي او مطالب بإجراء تحويرات أو سد شغور كما حصل عند إعفاء لطفي براهم.
ضربة مزدوجة للاتحاد وحركة النهضة:
ظاهريا يحمل قرار الإقالة - خاصة فيما يخص الوزير- طابع الحرب على الفساد، لكن في باطنه تكتيك وخبث سياسي ودهاء كبير من فريق يوسف الشاهد.
- الاتحاد كان قد طرح اسم بن قدور - مع اسماء اخرى - كبديل ليوسف الشاهد. كما انه أقرب وزير للاتحاد العام التونسي للشغل ( أقرب حتى بن محمد الطرابلسي) ، ويعول عليه الاتحاد كثيرا كقيادي مستقبلي لما تتوفر في الرجل من صفات، أهمها أنه -تكنوقراط- وكفاءة (مهندس) ، يملك سمعة طيبة في الخارج غير مرفوض من المنظومة القديمة.
وبإقالته بهذه الطريقة مع ملف ثقيل بهذا الحجم ( هنا لا انفي تهمة الوزير ولا أؤكدها)، يحرق الشاهد أحد أهم اوراق الاتحاد الذي سيستغرق وقتا في البحث عن بديل آخر، ومزيد تعميق أزمة الاتحاد الذي فشل عمليا في التدخل في إدارة ملفات مثل قرقنة والكامور وقبلي.
- في الجزء الثاني من تصريحه المقتضب للصحافة: 'ما نخاف كان من ربي، ومن الشعب المؤتمن على ثرواته'، يضع الشاهد حركة في احراج متعمد وفي مرمى الهجمات لتصريحاتها السابقة حول ملف الثروات في تونس وحملة 'وينو البترول' الذين قال عنهم الغنوشي أنهم 'دعاة فوضى' وتصريحات لعلى العريض بعدم وجود ثروات في تونس، وحسين الجزيري وغيرهم. وبالفعل بدأت تخرج إلى السطح هذه التصريحات.
- اربع وعشرون ساعة كانت كافية لتراجع الجميع خطوة إلى الوراء خاصة خاصة في من كان يعول -ربما- على تغيير الشاهد في موعد المنتصف من أكتوبر.
- ما لا يفهم حقيقة هو تشكيل الشاهد لجنة للتحقيق في الملف، خاصة إذا ما عرفنا أن رئيس مجلس التحاليل الاقتصادية عضو في هذه اللجنة، وهو الوزير السابق في عهد بن علي عفيف شلبي الذي أقدم على محاولة الانتحار بعد الثورة اثر التحقيق معه في قضايا تتعلق بضلوعه في قضايا فساد ورشوة في ملف الطاقة والثروات. ومن الوارد جدا أن سار للتحقيق جديا أن يكون أحد المتورطين الأساسيين في الملف.
ملخص الوضع كيما قال اكا السيسي في وصفه مرة للوضع في العظيمة مصر وهو يضحك أمام المصريين : كده خربانه، كده خربانه.