أحد تعويذات منظومة الجمود الديبلوماسي في هذه البلاد التي جعلتنا بعيدين عن اي دور في المشهد الليبي بما فيها الوساطة هي مقولة "ثوابت السياسة الخارجية التونسية"…
هذه الثوابت وضعت عام ستين في زمن الحرب الباردة بين معسكر السوفيات ومعسكر الأمريكان وضمن تنسيق دولي عرف بدول عدم الانحياز الذي يعتبر في حد ذاته انحيازا في شكل تكتل دولي وراء الهند ومصر وتمت عديد الصفقات في الخفاء لبيع المواقف او حتى أنصاف المواقف للدول المغامرة والباحثة عن النمو والاستثمارات والتقنية ....
البوم سيدي خويا العالم تهز وتنفض منذ التسعينات وسقوط الاتحاد السوفياتي وظهور معسكرات جديدة اقتصادية وتجارية على رأسها الصين والاتحاد الاوروبي ونحن الان في مرحلة القوى الاقليمية الصاعدة..
الدول الذكية هبرت مليح في رقعة شطرنج المشهد الدولي وحققت قفزات كبرى وجلبت استثمارات ضخمة وتخليها عن قوالب "ثوابت السياسة الخارجية " (الهند وتايوان واليوم أثيوبيا ورواندا) ....
اليوم تحولت السياسات الخارجية من ديبلوماسية سياسية كلاسيكية الى ديبلوماسيات اقتصادية وثقافية وحتى الديبلوماسية الدينية تحولت اليوم الى رقم في المشهد الديبلوماسي الدولي (زيارات البابا نموذجا)
نحن في تونس مازلنا في قالب الجمود في مقولة ثوابت السياسة الخارجية التونسية التي لم تحقق لنا شيئا طيلة ستين عاما ... (أين حصيلة التنمية والاستثمار مقارنة بدول استقلت بعدنا).
صحيح أن تغيير الثوابت التي وضعت في الستينات تحتاج مراكز دراسات استراتيجية وجامعات توجه البحث العلمي في اتجاه مشروع وطني ومنظّرين وديبلوماسيين .... وهذا الكله مفقود للأسف في تونس لذلك نحن في ثوابت خارجية على شاكلة "مسمار في حيط " وهي أقصى طموح كل الخائفين الذين يعيشون تحت الحيط…
كيف يتكلمون عن ثوابت ديبلوماسية في عالم كل ما فيه يتغير …
هذه التدوينة ليست دعوة للارتماء في جبة الخليفة العثماني الجديد او أن نكون مهبط طائرات عسكرية لأي دولة في العالم ...لكن السياسة الخارجية التونسية باتت عقيمة جدا ومنكفئة على نفسها وسط عالم ساخن وكل الدول تبحث لنفسها عن موقع تحت الشمس حتى الملف الليبي أصبحنا خارجه تحت غطاء ثوابت السياسة الخارجية؟؟
الظاهر ان طبول حرب طاحنة تدق جنوبنا في ليبيا والقوى الإقليمية أخذت مواقعها ونزلت بثقلها لحشد الدعم الديبلوماسي وتأمين قواعدها العسكرية…
تونس لا رائحة لا طعم ولا لون.. عبارة عزوزة قاعدة في خطبة وموش مفرزّة العريس من خو العروسة وكان جاها واحد سلّم عليها تسئل الي بجنبها "من هو هاضاكا؟"
هضاكا يخطب في ليبيا آ حاجّة…