ينتابُني شعور بأن الرئيس يستغبينا إن لم أقل يستحمرنا كلّما انطلق في ارتجال جُملٍ تفتقد إلى إشارة بداية ونهاية فلا نفهم ممّا يقول إلا بعد محاولة إعادة ترتيب كلامه مع افتراض أنّه يقصد ما يمكن أن نكون قد استنتجناه ، كما أنّه كثيرا ما يتنكّر لمواقفه ويُنكرُ على غيره ما يفعله هو .
بعد هدنة يوم العيد الذي مضى دون تهنئة ولا توبيخ أطلّ علينا حصريّا من ثقب تلفزيون العربيّة ليخبرنا أنه لم يستجدِ أحدًا و على عكس ما تنشره صفحة الرئاسة من تضخيم لجهود الرئيس في استجلاب المعدّات والتلاقيح فقد فنّد ذلك وقال إنّ تهاطل النجدات لتونس من دول صديقة وشقيقة هي تلقائية ولم تشترط على تونس سوى أن يشرف الرئيس على تصريفها المحكم!!!
وبعد أن خصّ الرئيس العربيّة دون غيرها بهذا التصريح أشار في تدخّلٍ إعلامي آخر إلى أن القناة الوطنيّة لا تولي إهتماما لإنجازاته وتعتبر أن أساليب التصرّف في جلود الأضاحي أهمّ خبرًا من أنشطته . وأبدى الرئيس امتعاضه من قناة لم يذكر اسمها قد نفت أن يكون قد أنجز شيئا فكان ردُّه بأسلوب فقير لا يؤدّي المعنى فقال :لو أن هذه القناة أنهت كل برامجها لما استطاعت أن تعدّد إنجازاته، وما أراد الرئيس قوله ولم يفلح هو أن هذه القناة لو أخذت في تعداد إنجازاته فترة بثّها لانتهت الفترة قبل أن تأتي على مجرّد ذكر ما حقّقه !!!
أمّا دعوته لاجتماع في جوف الليل والجولان محظور ،ليبرز انشغاله بالكارثة الصحيّة والتي طالما تجاهلها سابقا ولم يبد أي اهتمام بالموضوع إلا من فترة قصيرة، ها هو في التوّ يُلوّح باتخاذ إجراءات وقرارات و… أ الآن تذكّرهم باحترام الدستور الذي صاغوه بأيديهم وقد جعلته خرقة وأردت استبداله بدستور 1959؟
الآن وقد عطّلته برفضك المحكمة الدستورية؟ الآن تلمز حول أداء الحكومة التي هي أصلا حكومتك التي ركّبتها بمزاجك؟ والتي عطّلت نصفها الذي لم يرق لمزاجك ؟ قلت أنّ الموقف ليس للمحاسبة ،و هل تجرؤ على محاسبة حكومة أنت أوّل من شكّلها وأوّل من سعى لتفكيكها؟
صحيح أنّك استخففتنا فانتخبناك فرارا من حامل القرط في أذنه ،لكن صدّقني لم يعد يحتمل كلامك ولا تصرّفاتك إلا أخوك و تلك التي تفتح الطرود المسمومة نيابة عنك وبعض الظمآنين الذين يحسبون سراب بقيعة ماءً.
أقول وأُعيد فاقد الشيء لا يعطيه ولا يلدغ المؤمن من الجحر مرّتين.